عودة الراشد إلى
المدرسة إنما هي إدراكه أنه يجهل، إنما هي معرفته أنه يمتلك بعض المفاهيم الخاطئة،
أو ناقصة أو باطلة، والتربية، بالطبع، هي، جزئيا ًمسألة معارف خارجية. ولكنها
ينبغي لها أن تركز، قبل كل شيء، على معرفة و حكمة داخليتين، ومن الواضح تماما ًأن
المفاهيم التي تنشأ عن حالة داخلية سيئة تكون خاطئة كذلك. وتلك حقيقة أولية. لكن
كثير من الناس يرفضون رؤية الحقائق الأولية لأنهم يخشونها. ثمة انحراف سيكولوجي
يبرز في كل أعمالنا، بدءا ًمن أصغرها إلى أكبرها، تصاحبه آثار متفاقمة قليلا ًأو
كثيراً. وذلك صحيح بالنسبة إلى جميع العقد وضروب الشعور بالدونية و الكبت،إلخ. فأن
يربي الإنسان نفسه مرة ثانية يعني، إذن، أن يخرج من الغلاف الذي تجمد حوله
تدريجياً. وعلى وجه الخصوص، فإن العودة إلى المدرسة تفترض قبول المرء أنه يجهل.
كم مرة نسمع الناس
يرددون:«إنني، مع ذلك، أعلم جيداًً كيف ينبغي لي أن أربي طفلي، وليس بي حاجة إلى أن
أتلقى نصائح من أي شخص حول هذا الموضوع».
ولنلاحظ جيدا ًأن هذا
الشخص نفسه يستجدي النصائح من الميكانيكي إذا كان الأمر بصدد إعادة فحص سيارته.
إنه يطلب آراء خاصة حول شراء إطارات السيارة و بناء المنازل، إلخ. أما بالنسبة إلى
التربية، فكلا. هذا الموقف موقف صبياني و عدواني، إنه يكشف إذن عن الخوف ناشئ من
شعور بالدونية .
تعني العودة إلى
المدرسة«أن يتعلم المرء بذاته». فإذا كان الأمر على خلاف ذلك، فإن أي تربية صحيحة
كل الصحة لا يمكن أن تتم. وعندئذ تفرض عليه تربية جاهزة، غير مرنة، مرتكزة على (أناه).
ولكن من أين له هذه المرونة اللامتناهية وهذا الفهم اللامحدود الذي الذي تستلزمه
التربية إذا كانت (الأنا) ضيقة أو متجمدة ؟؟؟.
المرجع: كتاب الانتصارات المذهلة لعلم النفس الحديث
للمفكر: بيير داكو