أحبه بلغة الأحلام
أيها البحر...... هل تسمعني ؟ هل تجيد إن تحدثت إليك لغة قلبي ؟
هل ستصلك إن بكيت دمعة ألمي ؟ يا صديقي القديم هل تذكرني ....؟ ؟
أنا هي تلك الطفلة الصغيرة التي كانت هنا تركض فوق رمالك
أنا هي تلك الطفلة التي كانت تجري إتجاهك في محاولة بريئة لاحتضان أمواجك والوصول إلى منتهاك
كان معي رفيقي الصغير .. نلعب فوق رمالك لعبة المستقبل ... فنبني أيامنا المقبلة ... ونضع لبنة الحلم
الأولى ... وننادي الغد بصوت البراءة أن يأتي كي نحلم معا" ... ونمضي معا" .... ونكبر معا" ....
لكنني كبرت وحدي ... فحبيبي الصغير رحل صغيرا" ... ولم يكبر ... ولم يكن في إستقبال الغد حين جاء
ولم يتناول ثمار الحلم حين نضجت.... فذات ليلة .. كان يوما" من أيام القدر الذي إعتاد أن يتربص على
مفارق دروب العاشقين .... قالوا إنه رحل ولن يعود ... وشرحو لطفولتي يومها مفهوم الرحيل والفراق
والموت ... ومفاهيم إخرى أرهبت طفولتي ... حينها بكاه الجميع أيها البحر .... ولم أبكه أنا ...
ففي ضجة نحيبهم كنت أتساءل ببراءة متى سيعود ... لنعود إليك أيها البحر معا" ولنكمل بناء المستقبل
فوق رمالك ..؟؟ تتابعت سلسلة اللليالي لا أعلم كيف مرت ....
وقفت ذات ليلة أمام المرآة فأكتشفت أني كبرت ولم أعد تلك الطفلة الصغيرة ... البريئة ... المرحة ..!!
أصبحت إمرأة ناضجة وأنا مازلت خلف أسوار طفولتي .. خلف ذكراي معه ... خلف تتبعاتي لخيوط
ودروب ذلك الرفيق بل الحبيب بل الروح أجل .. أجل .. إنه الروح ..روح البراءة ... روح الطهارة
إنه روحي أنا .
أغلقت كل أبواب قلبي ونوافذ إحساسي في وجه فارس الأحلام الذي رماه القدر في طريقي لا أعلم
من أين جاء .. لا أعلم من أين أتى .. ربما ليساعدني لنسيان ذلك الرفيق الصغير ....... !!!
لا . لا . لا بل جاء ليذكرني به أكثر ... ليقربني منه أكثر ... ليشدني إليه أكثر ... فأصبح هناك قوة
غريبة تدفعني نحوه تأخذني إلى مراهقتي التي لم أعشها .. فينبض قلبي بقوة حين أسمعه ... وتتغير
ملامحي حين أراه .... ويغمرني الفرح حين تأتي ذكراه . ويكسرني الحزن حين يغيب .. فأحيانا"
أحبه بجنون .. وأحيانا" أرفضه بجنون .. لإحساسي بأن شعوري الجميل نحوه خيانة ...
ولكن لماذا هو دون سواه يأتي .. يقف أمامي متضخما" بكل أحلامي ... يزلزل عقلي .. يهز قلبي
برعشة غريبة ... فيتفجر في داخلي ما لم أكن أعرفه من أحاسيس الغيرة والشوق والأنتظار المر ؟
لا أعلم أيها البحر ... إن كنت أحبه بمفهوم الحب الحقيقي ... أم أنه مجرد إحساس جميل .. حلم عابر
سينتهي كما بدأ ... فهي المرة الأولى التي أحب فيها ... وربما المرة الألف التي يحب هو فيها ...
فربما يكون قد إعتاد على حكايات الحب ... وإعتاد أن يعيش طقوس وتفاصيل الشوق لأمرأة ما ..
وألم إفتقادها حين تغيب ... وربما لست سوى رقم مشفر في أجندة هاتفه .. أو حكاية يسردها على
قلبه كل ليلة قبل النوم كي يغفو كالطفل فوق ضفائر إمرأة أخرى .. أو خيل سباق راهن على الفوز
بها ... فقد حدثني عن سابقاتي .. وسيحدث لاحقاتي عني يوما" .
يا صديقي البحر ... كلانا ضل صاحبه وطال بدربه السفر .. أنا ملح به ظمأ وأنت البحر فلا نلتقي
ولا أرتوي ولا يغير مصيرنا القدر .. كنحات نصارع بين أيدينا الفأس والصور .
أيها البحر ... قد إحتار قلبي في هوى ذلك الحبيب الصغير .. أأقول عيناه حنان أمي .. دعاء أبي ..
وطني دفئي في صقيع غربتي وإغترابي .. فتحزن شفتاه والثغر يخجل .. أأقول أحبه .. أجل أحبه ...
وبها أقفلت جدار القصيدة ... عرفت أني في آخر الحب سوف أمضي صوب آلامي وأحزاني . سوف
أبدأ وجهة الدرب بإيقاع الرحيل ..
وأعود لأعلق رسائلي على صدر النجوم .. وأودع النجوم حتى آخرها ....
أعود لأقول جمال الحب أن يمتطي صهوة الأحلام دون أن تطاله أنامل القدر ...
جمال النشوة أن ترقد مع أحلام الهوى حيث ترقد الروح ...
أيها البحر ....... إنني أنتمي للحزن فمن فال الفرح هو داري .. وأنتمي للخوف فمن قال الأمان هو
مضجعي . أنتمي لجائعي الحنين ... لصغار الهوى الذين فقدوا طعم الأمان .. أنتمي كرها" إلى هذا
الزمان الذي سرق مني من أحب .. سرق حبيبي الغالي .. سرق روحي .. سرق رفيقي الصغير ..
يا ابن القمر أيها الحبيب الصغير افتح عينيك وأنظر إلى مهرة أصيلة حطمها قيد القدر ... عبث بدموعها
وصمتها ... بنشوتها وجعلها فتاة مصنوعة من ليل ونبيذ وحب ...
أصبحت الغد الذي لا يأتي .. الشمس التي لا تشرق ... حلم عديم التمني ... حب بعيد المنال ... أمية
الشفتين مكسورة الهوى .. تستحم عارية بأشعارها .. فمن يستر لي عريتي وينهي تثاؤبي ....؟؟؟
سألتقي به .. سألتقي بفارس الأحلام ... ربما على ضفاف العمر ... ربما في لحظة لا تنتمي لدورة
الزمن ... ربما بلحظة ليست ملك لنا ... ربما عندما ينطوي تاريخه .. والقدر يلغي سطورا" من
كتابه ........... ربما ألتقيه ....... وبعدها لا بأس ببعض إنكسار ...............................
لأن الحب لا يكتمل بالفراق ......... سأقول الوداع
لأن العين تتكحل بالدموع ........... سأذرفها بحرا"
لأن كلام الليل ملغى ................. سأعتنق الصمت
سأرحل بصمت ... سأسكب دمعي العزيز بصمت .... وسأقول وداعا" بصمت ....
قد أخذنا الوقت أيها البحر ... وحان موعد غروبك .. وحان موعد رحيلي ... فهناك فارس يحتاج
عودتي .. يحتاج لأبتسامتي ...
لحظة أيها البحر أنتظر قليلا" ... أرجو أن ترسل سلامي لصديقي الصغير .... لحبيبي الغالي وأخبره
أنه لن يعوض عن وحشة غيابه إلا وحشة القبر .. ولن يعانق جسدي من بعده بحب إلا شبح الموت..
وقل له إني أحبه .. أحبه ... أحبه بلغة البراءة ... أحبه بلغة الطهارة ... أحبه بلغة الصدق ............
أحبه بلغة الأحلااااااااااااااااااااااااااااام .