ردّ على موضوع:وجه إنفاق العائلات السورية على الحاجات الثقافية..
****************************************************
الصديق العزيز:شكراً لردّك على موضوع(وجه إنفاق العائلات السورية على الحاجات الثقافية)..
إنّني مؤيّد لك فيما ذهبت إليه من آراء،والأمثلة التي أوردتها واقعيّة،والتي تبرّر فيها عزوف العرب السوريين عن ممارسة أبسط التجليّات الثقافية, كقراءة الصحف والمجلات، وحضور العروض المسرحية، والحفلات الموسيقية،ومشاهدة المعارض الفنيّة،ومختلف نشاطات الحراك الثقافي في بلدنا،وممّا يؤكّد هذا الاتجاه انخفاض نسبة قارئي الكتب بمختلف أطيافها الثقافية والأدبيّة في العالم العربي؛عن بقيّة بلدان العالم،والذين يرتادون قاعات المراكز الثقافية،أو مقار الجمعيات الأهليّة بقصد حضور محاضرة ما،عددهم محدود لايتجاوز عدد أصابع اليد،وهذا برأيي يعود إلى تأثيرات عصر العولمة،وعصر السقوط الثقافي..الذي لايبشّر واقعه الحالي المتردّي على الساحة العربيّة،لايبشر بممستقبل نيّر ومشرق لشباب الغد وأمل الأمة..لأنّ شعباً لايجعل من الكتاب صديقا ورفيقاً،هو شعب حكم على نفسه بالسجن المؤبد ضمن أسوار الجهل والظلام..
صديقي العزيز..لايغرّنك ما يشهده الوطن العربي على مستوى التعليم الجامعي، من زيادة في عدد الجامعات،ومن تشعب الاختصاصات،ومن كثرة الخريجين،من ذكور وإناث..لاأنكر أنّ في هذا دليل على عصر تنوير تعليمي،وليس ثقافي،وهناك فرق واضح،بين شاب مثقف يرتاد مكتبة عامة،ويختار كتاباً يعجبه وينتقيه بإرادته(قصة أو ديوان شعر،أو رواية،أوعمل مسرحي..الخ)وبين من يحصّل شهادة جامعيّة في أيّ اختصاص،ولا يقرأ خلال مرحلة دراسته إلا ما تقرّر عليه من مواد درسيّة ومعرفيّة، وهنا نميّز بين المثقف والمتعلم..
ومجتمعنا العربي لاينفق على نفسه من أجل رفد ذخيرته الثقافية إلا بالنزر اليسير،لا بسبب ضيق اليد، كما تبيّن بعض الإحصائيات في هذا الميدان،لا..وإنما وكما بيّن الصديق،هو في مشهد هروب شبابنا ،من كلّ شيء جادّ وهادف،والدليل على ذلك،عندما تعلن جهة ما..؟؟ عن حضور حفل فيه غناء ورقص..ترى شبابنا يندفعون لشراء بطاقات ذلك الحفل، مهما غلا ثمنها، وطبعاً الأهل هم من يشجعون مرغمين أم راضين على فعل ذلك..وليس في هذا دليل عافية ثقافية لشباب الغد وأمل المستقبل..وهكذا نرى أنّ تدنّي الإنفاق على الثقافة،يضعنا نقف في حيرة..أمام سؤال دائماً نوجهه إلى أنفسنا، وإلى شرائح مجتمعنا،إذا كان هذا العصر هو عصر العلم ،وعصر القرية الكونية الثقافية،التي تستطيع أن تتابع مايجرى في أقصى المعمورة من أحداث وتطورات وإصدارات ومطبوعات،وأنت جالس في بيتك..تستعرض على شاشة حاسوبك ما يحلو لك من تقدم تكنولوجي وثقافي وفنّي..فمتى نحثّ الخطا؟؟ ومتى نستطيع اللحاق بركب تلك الأمم التي سبقتنا في ميدان تطورها العلمي والمعرفي؟؟بينما كانت في زمن مضى، تنهل من ينابيع علومنا، وتغرف من بحر ثقافتنا..الكلمة الأخيرة في هذا المجال، هي نداء نوجّهه إلى شباب أمتنا العربيّة..أن انهضوا واجعلوا من الكتاب صديقاً ورفيقاً..وإلى الأهل ..أن ضعوا دائماً الكتاب والقصة في متناول أبنائكم..وشجعوهم على القراءة في غير موادهم الدراسية..
فأمة لاتقرأ،ولاتنفق في دروب الثقافة، ما ينير لها ولأبنائها، طريق العلم والمعرفة..هي أمة بلا شك تسير إلى المجهول..أنار الله لنا ولشبابنا، دروب العلم والمعرفة،وزيّنها بمصابيح من يجعلون من الكتاب صديقاً ورفيقاً.
سلمية في /4/3/ 2010
الصديق:حيدر حيدر