نظارة الصيحة الاخيرة بقلم د.سمير عليا

عدد الرسائل : 4 تاريخ التسجيل : 30/09/2010

نظـــّارة ُالصيحـــة ِالأخـِيــــــرَهْ

وأخيراً وصلتني النظاره في علبه مغلفة بعنايه فائقه وبأناقه " أريستوقراطيه ".

لقد غامرت بشرائها بمبلغ خيالي يعتبر (( تحويشة العمر)) وذلك بواسطة البطاقه الإئتمانيه عبر
(الشبكه العنكبوتيه) أوما يسمونه النت ، ولم لا؟! فالمزايا التي تتمتع بها هذه النظاره تفوق الخيال.

أصابتني الصدمة بعدما وقـّعت على إيصال الاستلام و حملت العلبه فقد كانت خفيفه جداً حتى خيل لي أنها مجرد علبة فارغه وأنني وقعت ضحية عملية نصب وخدعه كبيره..كبيره جداً وتخيلت أنني لن أجد في هذه العلبه سوى صورة مهرج يمد لي لسانه بقرف و يقول لي:

أنت حمار.

لم أجرؤ على فتح العلبه فقد أحسست بالعرق البارد يرطب يديّ كما شعرت بأسف وخيبه مترافقه مع حزن مراره شديده في الحلق ...كما سرت في الجسم كله حمى شديده وآلاف الأسئله بدأت تتزاحم متصارعة داخل رأسي وكانت كلها لا تقبل إلا جواب واحد وهو أنني غُفـْل.

لا أدري لماذا تذكرت وقتها جارتنا التي انتظرت ثلاثة عشرعاماً كي تحمل وعندما حملت أخذت وزوجها يعدون الأيام بثوانيها بانتظار وليّ العهد وفي ليلة الولاده مات الجنين قبل أن يرى النوروخرج بقيصريه ولشدة شعورها بالمراره لحظتئذٍٍ فقد صرخت صرخه واحدة إنقطعت لهولها جميع حبالها الصوتيه وفقدت صوتهاإلى الأبد.

أيضاً تراقصت أمام عيني صورة أبو علي المجنون يسيل روالـُه ُعلى ذقنه بعد أن فقد عقله عقب حادث انهيار سقف بيت أهله وقضى في ذاك الحادث المؤسف الأليم والديه وشقيقه الوحيد و زوجته وأطفاله الثلاثه

رجعت للحاسوب وقرأت بتمعن مزايا النظاره العجيبه واكتفيت بقراءة الإعلان :

أيها الباحث عن الصدق والحقيقه سارع باقتناء " نظارة الصيحه الأخيره " فإنك لن ترى من خلال عدستيها إلا ما هو " صادق وحقيقي ".

أسرع العدد محدود!

هدأت قليلاً وتوجهت للعلبه متحلياً بالكثير من الشجاعه لرفض الصدمه بالتسليم بغرارتي وسذاجتي وحماقتي وغفلتي بل وخديعتي ، وفتحتها فرأيت لفافة من مخمل أحمر فالتقفتها وقبل أن أفضّها تلمست أذناي إن كانتا قد استطالتا وكذلك تلمست عَصُصي ان كان قد ربا، فشكرت الله وحمدته وحوقلت وتعوذت وبسملت وحللت رباط اللفافه فوجدت نظاره بلاستيكيه زرقاء بعدسات صفراء شبيهه جداً بنظارات الأطفال فوضعتها على عينيّ وتوجهت للمرآة فارتعبت لرؤيتي نظاره مثبته على جمجمه فارغه إلا من جوزتين تلقلقان داخلها ، فتوجهت لمكتبتي وتناولت كتاباً من قسم التاريخ وما إن فتحته حتى ذهلت فالصفحات كلها بيضاء خلا بعض حروف الجر وعلامات الترقيم والتنصيص المبعثره في الصفحات البيضاء.

وكذلك كان كتاب مذكرات تشرشل ، وكل كتب المذكرات بل وكل الكتب التي وقعت يداي عليها، ففتحت درج رسائل الأصدقاء والأحبه وكانت كذلك كلها بيضاء ، وفجأة تذكرت رساله حبيبتي التي كنت قد وضعتها على ما أذكر في كتاب القرآن في صفحة سورة ( ص ) فلم أجرؤ من الاقتراب منه أو لمسه وقضيت نحبي من الصيحه الأخيره.

الآن أخاطبكم من الدار الآخره وأعتقد أنكم لا تسمعوني لذا سأتوقف هنا.
*
سمار

الدكتور سمير تحية وشكرا كونك وضعت هذه الزهرة الجميلة في منتدانا فكانت كنسمة جميلة محملة بأطيب الروائح
من ناحية أخرى أنا وبشكل شخصي أحب هذا النوع من القص والذي يختلف كثيرا عن القص القريب من الحكاية
نحن طماعون نتمنى منك المزيد وشكرا

ذهبي عدد الرسائل : 109 تاريخ التسجيل : 27/09/2010

كتبت فأبدعت .....تحية لقلم متميز
نتلهف لقراءة ابداعاتك فلا تشوقنا
تقبل مرورى
ولكم التحية