مجتمع يُنكر الحقيقة وتستعبده المتناقضات
عندما أعود الى نفسي - بعد معاناة طويلة من مشاق الحياة ومتاعبها على مدى يوم كامل -أُنصت إليها وأتأمل متسائلا لم أنا هكذا ؟ هل كل البشر هكذا ؟ أم أنا فقط؟ هل كل المجتمعات تشبه بعضها أم نحن مختلفون؟ وأبحث عن تبرير لأخفف قليلاً من وطأ الفكرة وضغطها على كاهلي ....,بسبب الدين أم التقاليد !! ؟ أم لاهذا ولاذلك بل بسبب الاستعمار أم كلها مجتمعةً!!؟؟.
يقابلك أحد الماركسيين بالرفض القاطع , ويتهمك بالتحريفية والخيانة حين تذكر له أن هناك تحولات ومستجدات اقتصادية كبيرة , ومواجهتها لاتكون بالحلول الاشتراكية كما كانت بالتمام, بل يجب عليك أن تطور من أدواتك وأساليبك حتى تتلاءم مع المستجدات ولاتدع الزمن ينفلت منك , وتقبع في أقبية التاريخ.
ثم يطالعك من جهة أخرى بتحليلاته التي لاتخلو من إضفاء كثير من الشرعية على الليبرالية وإيجاد بعض الألوان البراقة في التاريخ الشيوعي لتلميع بعض أوجه النشاط الرأسمالي والبرجوازي.
* * *
وأما القابض على دينه بكل جوارحه فلا يخفيك آماله وأحلامه بالعودة الى الدين الحنيف الصحيح كما كان أيام الرسول صلى الله عليه وسلم
حتى في صيامه حيث يفطر على حبات تمر مبررا ذلك بالعلم !!! ويزكي بصاع و بصاعين من القمح بزمان لاينفع فيه ولا حتى مستودع !! ولو تيسر له لحجَّ على جمل !! وتراه مختلفا مع الجميع حول أكثر المفاهيم الدينية , مدعيا امتلاك الحقيقة بيقينية مفرطة مستنداً إلى آيات وأحاديث أوجد لها تفسيراً خاصاً به كافرا بماعدا ذلك,( الربا.. الصوم .. الزكاة... المرأة والميراث...وووو ) مستخدما الأقنية الفضائية , والتي غالبا ماتقوم على أموال البنوك التي تعمل بحسب تعبيره بالربا أو أنها أقيمت أصلا لتبييض الأموال وأخيرا يقبض منها بالدولار المشبوه؟!.
* * *
وقد يحاضر فيك أحدهم حول قناعته التامة بإقامة الحدِّ وحتى تكفير من يمارس العنف الجسدي وحتى اللفظي في المدارس وهو الذي مازال مستمرا بتقديس تلك المقولة (الله أيام زمان .... )كان التلميذ يلوذ بالفرار عندما يرى معلمه قادماً (كان التلميذ يقف مثل الألف أمام معلمه حتى ولو سلخ جلده ) وأما صورة المعلم النموذج . فهو ذلك المقطب الجبين دائما , وعصاه بيمينه يمارس شتى أنواع الإرهاب, مترجما جملة الترهيب والترغيب , أن الترغيب هو تجنب عصى المعلم وتعريف المجتهد هو الذي لم (يأكلها ) ولامرة والكثير الكثير من هذه المتناقضات . فذلك الرجل يمنع زوجته التي أحبها وعاش معها أجمل قصة حب من أن تزور جارتها العزباء التي سمع أنها على علاقة مع أحدهم وتخرج معه في لقاءات غرامية وذلك يعني أنها (موآدمية... أو....).
* * *
وآخر ذبح أخته انتقاما لشرفه لمجرد الشبهة , مع العلم أنه لم يؤذِ نملة بعمره على ذمة الراوي . والذي لم يرتش , ولم يأكل مال حرام طوال حياته وكان قادرا على ذلك ومنصبه يؤهله ... على الرغم من ذلك فهو يبرر للمرتشي فعلته بكثرة الأولاد .. والأسعار الجنونية ... والرواتب الممسوخة .. ووووو!!!.
غيره يحاورك بعدم الموافقة على الزواج المدني لالشيء انما فقط لأنه ليس دينيا ولايعرف شيئا عن الزواج المدني .
والذي يتشنج ويرغي ويزبد رافضا بشدة المساكنة بين الشاب والفتاة وهو على علم تام بما يحدث بين الطلاب في الجامعات رافضا الاستسلام للواقع خوفا من مواجهته بسؤال غبي من غبي – هل ترضى لأختك أن تفعل ذلك ؟
وها أنا الآن أمامكم ومثلكم فهل من مكان شاغر لتصلبوني .
ومع كل ذلك الخضم المتلاطم بأمواج المتناقضات , أرى أنه مازال هناك أمل في الوصول الى شاطئ وليس لشاطئ جزيرة إنما لبر مفتوح من الأمل.