جيل الشباب
إن من أهم ما يجب النظر إليه في المجتمعات عموماً هو الجيل الشاب لأنه الجيل الذي يزاوج بين مفاهيم آباءه ومفاهيم الحاضر,وتتمثل في ذهنه مفاهيم غير مطابقة للواقع المعاش عن كل شيء حوله , ويدخل في صراع بين الحاضر والماضي وبالتالي يفقد البوصلة التي تحدد مساره اتجاه قيمته الحقيقية كإنسان ,ويتخذ قرار لاواعي بالسير على هدى غريزته ويفقد اتصاله بمفاهيم آباءه وبمفاهيم العصر. أضف أن الأجيال نتيجة اتصالاتها مع بعضها في كافة أرجاء المعمورة ونتيجة للحداثة الثقافية الغربية,هي في مشكلة مفاهيمية حقيقية تجاه الحياة,على المختصين في علوم الاجتماع والنفس والعلوم الإنسانية أن يضافروا جهودهم لمحاولة تخفيف خطر نتائجها إلى المدى الممكن ,أبنائنا يهدرون أوقاتهم وعقولهم بمئات حواضر العصر المؤذية لأجسادهم وعقولهم وبالتالي مستقبلهم ومستقبل أطفالهم بدورهم.علينا أن نعيد تعريف المفاهيم لهم من خلال المؤسسات المعنية بذلك , علينا أن نقنعهم بان تسريحات الشعر التي نراها ,وظاهرة الأركيلة,وألبستهم و وعطورهم والتشفيط بالسيارات, لمن يملك سيارة,والأوقات المهدورة على مجمل هذه الأشياء,هو هدر للمضمون الإنساني العقلاني,لصالح الشكل الذي لا يملك حقيقةً أية قيمة,علينا أن نؤكد لهم على القيمة السامية للأخلاق التي أكد ت عليها الفلسفة المبنية على أسس التسامح والمحبة والصدق واحترام الذات.و علينا أن نذكره بان العقل أعظم هبة من الله عز وجل للإنسان,وان القصور العظيمة لم تكن تدرك لولا النور الذي فيها, وان العقل هو مصباح الجسد,و هذا القصر الذي منحه الله للإنسان في أحسن تقويم , لن ترى وتدرك خفايا حسنه إذا انطفأ النور الذي فيه.وهذا المصباح يزداد توهجاً وألفا برفقة الكتاب وتعاظم المعرفة ,التي رآها فلاسفة الإغريق ترتبط ارتباطا وثيقاً بالخير الإنساني العام منذ خمسمائة عام قبل الميلاد.
يمكن أن نطور ذكائنا بالتغذية و وهذا أمر حيوي ولازم ,الثقافة الصحية ,لا غنى عنها إطلاقاً ولكن يجب أن نميز ,ونؤكد لهذا الجيل الشاب ,كم هو هائل الفرق بين الذكاء والوعي , الذكاء يتطور بالتغذية ولكن الوعي يتطور بالمعارف وبالفكر الفلسفي النقدي , يمكن أن تجد عالم ذرة في بعض المجتمعات الأصولية يتحرك من تحت عباءة رجل دين ,لا يملك أي مؤهل من أي نوع , المشكلة ليست في الدين حين نتعامل معه كقيم أخلاقية فلسفية مجتمعية,المشكلة في عالم الذرة الذي قصر وعيه ,ليتقبل كل ما هو أسطوري ,ميتافيزيقي ,وفقد كل آليات العقل النقدي , فيعجز عن تفنيد ونقد تراثه , نقد مفاهيم تراثه, فيرتدي طقم من الجوخ الإنكليزي الفاخر,صناعة القرن العشرون , ويحمل عقل يفكر بطريقة إنسان القرن الأول للميلاد ,أو مادون , ولأن الإنسان في المجتمع البسيط ,يرى في عالم الذرة , مثال أعلى له في كل شيء, ,فينقاد ورائه ,يتمثل به بكل شيء ,وإذ بنا أمام عالم ذرة ,يشكل أخطر نموذج على مجتمعه ,وقس على ذلك الطبيب أو المهندس أو المحامي أوالمعلم أو... الخ ,على هذا الخطر علينا العمل والاجتهاد,والرأي قبل شجاعة الشجعان .