الحذاء البنَّي - بقلم : أيمن عبد السميع حسن حسين

كانت الشمس تنزف صمتها ، بلا هوادة ، التقطت أنفي رائحة البخور والبن المحمص اليوم أضحي عارياً ، الدروب ثعبانية ، تتعالى أصوات المارة .. ويتضاءل عواء السيارات ، تحت نداءات الباعة الحائلين ،كانت تأتي بالمهارة وعفو الخاطر ، لها جاذبية تطرب الآذان ، وطبقات صوته تتراوح بين
( السيكا )و( النهاوند )..
في الُخُن الصغير من الحارة ، وقفت متأملا ً ، التقت عيناي في شبق بهفهات ألوان ايشاربات ، أحمر ، أصفر ، أزرق ، وأحذية وشنط ..غسلت روحي بكهرمان السبح المعلقة .. احتوتني الزحمة بين حناياها ، وتفصد العرق من جبهتي.. لا زال المكان يحمل عبق الدفء .. والطمي .. والتاريخ .. سادني ارتباك وأنا أمسك بها ..هي تحفة..
إنها حقاً جميلة جداَ... وعلي المقاس.. فقدم أمي مقاس 42..أتذكر ذلك
منذ العام الماضي.. عندما أحضرت لها حذاء بني في عيد الأم...
*بكم الحذاء ياريس ؟
*بعشرين جنيهاً.
* تمشي بخمستاشر ؟!
* الله يبار كلك...هات الفلوس.
أخرجت حافظة نقودي في غبطة ..هذه ((الفرمة)) ستعجب أمي
*تفضل يا أفندي..
رحت أعد الجنيهات بداخل المحفظة .. وفجأة توقفت أناملي عن العد..وصمتُ..ثم أخذت طريقي دون أن أعطى للبائع اهتماماً ..كان البائع ممسكاً بالكيس الذي وُضع فيه الحذاء..ثم راح ينادي عليَّ:
* يا أستاذ .. يا أستاذ...
لم أعطى للبائع اهتماماً..وأخذت دموعي تتساقط كأنها الشلال..وهمهمت بحرقة ..وبكلمات غير مرتبة تمتمت ..عندما تذكرت أن أمي ماتت الشهر الَّلي فات..
******

بقلم : أيمن عبد السميع حسن حسين
مصر- سوهاج
البريد الإلكتروني : Aymen201112@yahoo.com

Admin كتب:: * يا أستاذ .. يا أستاذ...
لم أعطى للبائع اهتماماً..وأخذت دموعي تتساقط كأنها الشلال..وهمهمت بحرقة ..وبكلمات غير مرتبة تمتمت ..عندما تذكرت أن أمي ماتت الشهر الَّلي فات..

الأم .... كيان خالص مشغول من حنان وعواطف وأحاسيس .. يفوق قيمة كل الاحجار الكريمة .. ويقارب في برائته وطهارته مرتبة الملاك...
قصة جميلة جميلة .. أوقظت كل الحب الذي كان ساهياً تجاه هذا الرمز الكبير .. الأم.
سلم قلمك أيمن وننتظر منك المزيد

الأم سنبلة لخبزنا الحافي ووله الندى ببرعم اللوز.. تحية لكل الأمهات.. ولك أيضاً أيمن