مرحباً بك عزيزنا الزائر في منتدى جمعية أصدقاء سلمية... يشرفنا أن تقوم بالتسجيل في منتدانا لتصبح واحداً من أسرتنا. مثلما يسعدنا أن تتصفح منتدانا بدون التسجيل فيه..
دمت بود واحترام
إدارة منتدى جمعية أصدقاء سلمية
مرحباً بك عزيزنا الزائر في منتدى جمعية أصدقاء سلمية... يشرفنا أن تقوم بالتسجيل في منتدانا لتصبح واحداً من أسرتنا. مثلما يسعدنا أن تتصفح منتدانا بدون التسجيل فيه..
دمت بود واحترام
إدارة منتدى جمعية أصدقاء سلمية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

يمكنكم زيارة الصفحة الرسمية لجمعية أصدقاء سلمية على موقع facebook على الرابط :https://www.facebook.com/home.php?sk=group_149912905080000


 

 الصـــيّــادُ وَزوجَــتُــهُ

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
أصدقاء فريتان وسلام
ذهبي
ذهبي
أصدقاء فريتان وسلام


عدد الرسائل : 34
العمر : 112
تاريخ التسجيل : 27/10/2011

الصـــيّــادُ وَزوجَــتُــهُ Empty
مُساهمةموضوع: الصـــيّــادُ وَزوجَــتُــهُ   الصـــيّــادُ وَزوجَــتُــهُ Empty28/10/2011, 4:03 am



نُقِلَ من الإسبانية بقلم رياد حـيـدر



كانَ هُناكَ في يَومٍ مِنَ الأيّامِ صَيَّادٌ وَزَوجَتُهُ يَعيشانِ مَعَاً في كُوخٍ صَغيرٍ بائِسٍ قُرْبَ البَحْرِ ، وَكَانَ الصَّيَّادُ يَذْهَبُ كُلَّ يَومٍ لِلصَّيْدِ ، وَيَرْمي بِقَصَبَتِهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرى .

ذاتَ يَومٍ جَميلٍ كانَ جالسَاً بِجانِبِ الكُوخِ يُرَاقِبُ الماءَ البَلُّورِيَّ بِثَباتٍ مُنتَظِرَاً صابِراً هكَذا ساعاتٍ طِوالٍ . فَجْأةً نَزَلَتْ صَنَّارَتُهُ إلى الأَعماقِ ، وَعِنْدَما سَحَبَهَا إِلَيهِ كانَتْ قَدْ عَلِقَتْ بِها سَمَكَةٌ كَبيرَةٌ. قالتْ لَهُ السَّمَكَةُ عِنْدَها :

- اِسْمَعْنِي أيُّها الصَّيَّادُ ، أتَوسَّلُ إِلَيكَ أنْ تَتْرُكَنِيْ أَعِشْ ؛ أنا لَسْتُ سَمَكَةً ، إنَّنِي أَميرٌ مَسْحُورٌ . بِأيِّ شَيءٍ يُفيدُكَ مَوتي ؟ حَتّى لَو لَمْ يبدُ لَكَ هذا حَسَناً ؛ اُتْرُكْنِي أَذْهَبْ إلى الماءِ وَأسْبَحْ مِنْ جَديدٍ .

- حَسَنَاً -أجَابَ الرَّجُلُ -. لَيسَ مِنَ الواجِبِ عَلَيكِ بَذْلُ الكثيرِ مِنَ الكَلامِ وَالجهْدِ . لِسَمَكةٍ تَعْرِفُ الكَلامَ مِثلَكِ لا يَسَعُنِي إلّا أَنْ أَتْرُكَها تَعِشْ بِكُلِّ الأَحوالِ وَتسْبَحْ منْ جديدٍ .

بَعْدَ ذلكَ وَضَعَ الصَّيَّادُ السَّمَكَةَ في الماءِ الفضِّيِّ الكريستالِيِّ ؛ غَطَسَتْ السَّمكةُ سابِحةً تارِكةً وَراءَها أَثَراً طَويلًا مِنَ الدَّمِ .

نَهَضَ بَعْدَها الصَّيَّادُ وَذَهَبَ لِيلْقى امرَأَتَهُ في الكُوْخِ .

- ما هذا ، أَلَمْ تَصْطَدْ شَيْئاً اليَوْمَ ؟ -سَألَتِ المَرأةُ .

- لا -أَجابَ الرَّجُلُ-. التَقَطْتُ سَمَكةً قالَتْ لِي أنَّها أميرٌ مَسْحُورٌ فَتَرَكْتُها وَرَمَيْتُها في الماءِ مِنْ جديدٍ .

- ولمْ تَطْلُبْ مِنْهُ أيَّةَ أُمنِيَةٍ ؟ -سَأَلَتِ المَرأةُ .

- لا -قالَ الزَّوجُ-. أيَّةَ أُمنِيَةٍ كُنْتُ أسْتَطِيعُ تَمَنِّيها مِنْهُ ؟

- يا لَلسُّخرِيَةِ -قالَتِ المرأةُ-. إِنَّهُ غَيرُ مُمْتِعٍ وَلا مُرِيحٍ أنْ نَعيشَ دَوماً في كوخٍ بائسٍ ؛ كانَ عَليكَ على الأقلِّ أنْ تَطْلُبَ مِنْهُ بَيتاً صَغيراً . اِذهبْ وَعُدْ إلى هُناكَ وَنادِهِ ؛ قُلْ لهُ أنَّنَا نَتَمَنَّى العَيشَ في بَيتٍ صَغيرٍ ، وَبالتَّأكيدِ سَيُحَقِّقُ لنا ذلكَ .

- ماذا تَقولِينَ ؟ -سَأَلَ الرَّجُلُ-. أَتَعْتَقِدينَ أنَّهُ يُفيدُني بِشَيءٍ الرُّجوعُ مرَّةً أُخرى إلى هُناكَ ؟

- بِالطَّبْعِ -قالَتِ المرأةُ-. أَلَمْ تَصْطَدْهُ وَبعدَها بقليلٍ تَرَكْتَهُ في الماءِ ؟ بالتَّأكيدِ سَيُحَقِّقَُ أُمنيتَنَا. هَلُمَّ فَلتَذْهَبْ بِسُرعةٍ إلى هُنَاكَ ‏!

لَمْ يَكُنْ الرَّجُلُ يَرْغَبُ بِالذَّهابِ ، لكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يرْغَبُ أيضَاً مُعَارَضَةَ رَغْبةِ امرأتِهِ ، فبَدَأ بالسَّيرِ.

عِنْدَما وَصَلَ إلى هُنَاكَ ، كانَ البَحْرُ مُتَلَوِّنَاً بِالأخْضَرِ والأصْفَرِ ولَيْسَ كريسْتَاليَّاً شَفّافاً كَالسّابِقِ. اقْتَرَبَ وَنادَى :

- أيُّهَا الأميرُ السَّمكةُ ، يا سَمَكَةَ البَحْرِ ،

اِمْرَأَتِي ، إلسابيل ،

تَرْغَبُ أَنْ تَبُوحَ بِأُمْنِيَتِهَا .

بَعْدَ ذلِكَ وَصَلَ الأميرُ السَّمكةُ سَابِحَاً وَقالَ :

- وَما الَّذي تَرْغَبُهُ إذاً ؟

- آهٍ ! -قالَ الرَّجُلُ-. لمّا كُنْتُ قَدِ اصْطَدتُكَ فَقَدْ قالَتْ امْرَأَتِي أنَّهُ كانَ عَليَّ أنْ أَطلُبَ أمْنِيَةً منْكَ. لَمْ يعُدْ يُسْعِدُهَا وَلا تَرْغَبُ مُتَابَعَةَ العَيْشِ فيْ كُوخٍ ، إنَّهُ لَيُسْعِدُهَا أنْ تَحْصُلَ عَلى بَيتٍ .

- اِرْجِعْ إلى البَيتِ -أَجابَ الأميرُ السَّمكةُ-. لَقَدْ حَصَلْتَ علَيهِ الآنَ .

رَجِعَ الرَّجُلُ إلى مَنزِلِهِ فَلَمْ يَجِدِ امرَأَتَهُ في الكُوخِ ولكِنْ في بَيتٍ وكانَتْ جالِسَةً أمامَ البابِ في مِقْعَدِهَا . أَمْسَكَتْ امرَأَتُهَ بِيَدِهِ وَقالتْ لهُ :

- اُدْخُلْ وَانْظُرْ ، إنَّهُ أفْضَلُ بكثيرٍ .

عِندَ ذلِكَ دَخَلا ، فَكانَ هُناكَ في البَيتِ بَهوٌ وصالونٌ رائِعُ الجَمَالِ ، وغُرفَةٌ حيثُ كانَ يوجَدُ لكُلٍّ مِنهُما سَريرٌ لِلنّومِ . وكانَ هُناكَ مَطْبَخٌ وَمُؤونَةٌ كَبيرَةٌ ؛ كانَ كلُّ شَيءٍ فيهِ نَظيفاً جِدّاً وَكانَ مُجهَّزاً بِأدَواتٍ صُنعَت مِنْ أَفْضَلِ النُّحاسِ والمَعدنِ الأبيضِ . كانَ كُلَّ ما هُوَ ضُروريٌّ مُتَوَفِّراً . وَخَلْفَ المَنزِلِ كانَتْ هُناكَ حَظِيرَةٌ صَغيرةٌ لِلدَّجاجِ والبَطِّ ، وَأيضَاً بُستانٌ يَحوي كُلَّ صِنْفٍ مِنْ أصنافِ الخُضَارِ والفاكهَةِ .

- اُنْظُرْ -قالتِ المرأةُ-، كَمْ هُوَ جَميلٌ كلُّ هذا .

- أَجَلْ -قالَ الرَّجُلُ-، الآنَ نَسْتَطِيعُ العَيْشَ سَعِيْدَيْنِ مُكْتَفِيَيْنِ ، وَهكذا يَجِبُ أَن نَستَمِرَّ دَوْمَاً .‏

- هذا ما سنُفَكِّرُ بِهِ -قالتِ المَرأةُ- . عِندَئذٍ أَكَلا شَيئاً من الطّعامِ ثمَّ ذَهَبا إلى الفِراشِ لِلنَّومِ .

مَرَّتْ حَوالي عَشْرَةُ أيّامٍ أو خَمْسَةَ عَشَرَ يَوماً على هذهِ الحَالِ حتَّى قالتِ المرأةُ :

- اِسمَعْ أيُّهَا الزَّوجُ ، إنَّ البَيتَ ضَيِّقٌ جِدّاً وَالحَظيرةُ والحَديقةُ صَغيرَتانِ أَيضاً . لَقَدْ كانَ بإمكانِ الأَميرِ السَّمكَةِ مَنْحُنَا بَيتاً أكبَرَ . إِنَّهُ لَيُسْعِدُنِي مِنْ ناحِيَتِي أَنْ أَعِيشَ في قَصْرٍ كَبيرٍ مِنَ الحَجَرِ . اِذهبْ لِرُؤيَتِهِ وقُلْ لَهُ أَنْ يُهْدِيَنَا إيَّاهُ .

- يا امْرَأَةُ ، ما الَّذي تَفْعَلِينَ ؟ -قالَ الزَّوجُ-. إنَّ البَيتَ حَسَنٌ جِدَّاً لَنا ؛ فلِماذا عَلَينا أنْ نَرْغَبَ السَّكَنَ في قَصرٍ كَما تَقولينَ ؟

- أيَّةُ حَماقاتٍ ! -قالَتِ المَرأةُ-. اِذْهَبْ لِطَلَبِ القَصْرِ مِنْهُ ، إنَّ الأمِيرَ السَّمكةَ سيحقِّقُ طَلبَنا .

- يا امرأةُ -قالَ الصّيّادُ-، لَنْ أَذْهَبَ وَلا بِأيَّةِ حالٍ يا امرأةُ ، إنَّ الأميرَ السَّمكةَ قدْ أهدانا البَيتَ؛ وأنا لا أَرْغَبُ في العَودَةِ إلَيهِ وَأنْ أُسَبِّبَ لَهُ مِثْلَ هذا التّعكِيرِ .

- قُلْتُ لَكَ اذهَبْ ! -قالَتِ المَرأةُ-. إنَّ لَهُ القُدرَةُ على فِعلِ ذلِكَ ، وَسيَفعلُهُ بِكُلِّ طِيبَةِ خاطِرٍ .

شَعَرَ الرّجُلُ بِأَنَّ قُواهُ تَخُورُ وَلمْ يَرغَبْ بالذّهابِ ؛ وَقالَ بينَهُ وَبينَ نَفسِهِ : " هذا العملُ ليسَ جيِّداً " ، وَلكنَّه في النِّهايَةِ ذَهَبَ إلى لِقاءِ الأميرِ السَّمكةِ .

عِنْدمَا وَصَلَ إلى البَحرِ ، كانَ الماءُ مُتلوِّناً بِالبَنَفْسَجِيِّ والنِّيلِيِّ الغامِقِ بَدَلاً مِنَ اللّونِ الأخْضرِ والأصْفرِ ، ولَمْ يَكُنْ شَفّافاً ، غَيرَ أنَّ الرَّجُلَ استَمَرَّ بِهُدوئِهِ رُغْمَ ذلِكَ . اقْتَرَبَ وَقالَ :

- أيُّهَا الأَميرُ السَّمكةُ ، يا سَمَكَةَ البَحْرِ ،

امْرَأَتِي ، إلسابيل ،

تَرْغَبُ أنْ تَبُوحَ بأُمْنِيَتِهَا .

- وَما الّذي تَرْغَبُهُ إذاً ؟ - سَألَ الأميرُ السَّمكةُ .

- آهٍ ! -قالَ الرَجلُ مُرتَبِكاً قليلًا- . تَرْغَبُ السّكنَ في قَصرٍ كَبيرٍ مَبنيٍّ بِالحِجارَةِ .

- اِرجِعْ إلى البَيتِ . إنّها الآنَ أمامَ البابِ -قالَ الأميرُ السَّمكةُ .

رَجِعَ الرَّجُلُ ظانّاً أنّهُ عائِدٌ إلى بَيْتِهِ ، وَلكِنْ عِندَ وُصولِهِ إلى هُناكَ فوجِئَ بقَصرٍ كبيرٍ مبنيٍّ بالحِجارَةِ ، كانَتْ زَوجتُهُ صَاعِدةً الأَدراجَ تَستعِدُّ لِلدُّخولِ ؛ أَخَذَتْ عِندَئذٍ بِيَدِهِ وَقالَتْ :

- اُدْخُلْ .

وَهكَذا دَخَلا مَعاً ، فَكانَ فِي القَصرِ مَمَرٌّ كبيرٌ ذو أَرضِيَّةٍ مِنَ الرُّخامِ ، وَكانَ هُناكَ أَيْضاً عَدَدٌ كَبيرٌ مِنَ الخَدَمِ يَفْتَحُونَ الأَبوابَ العَظِيمةَ ، وَكانَتْ الحِيطانُ كلُّها مُغَطّاةً بِسِجّادٍ جَميلٍ . وَفي غُرَفِ السَّكَنِ كانَتْ كُلُّ المَقاعِدِ وَالطّاولاتِ مَصْنوعَةً مِنَ الذَّهَبِ ، وَعُلِّقَ بِالسَّقفِ الكَثيرُ مِن الثُّرَيّاتِ المَصنوعَةِ مِنَ الزُّجاجِ الكريستاليِّ . وَفي الحُجَرِ كانَ هُناكَ الكَثيرُ مِنَ السُّجّادِ النّفيسِ ، وَعلى الطّاوِلاتِ كِميّاتٌ كثيرةٌ مِنَ الأََطْعِمَةِ وَمِنْ كُلِّ أَنواعِ الشّرابِ ، حَتّى بَدَتْ كَأَنَّها تَكادُ تَنْكَسِرُ بَينَ لَحْظَةٍ وَأُخرى . خَلْفَ السَّكَنِ كانَتْ هُناكَ حَظِيرةٌ مَعَ اسطَبلٍ يَحوِي خَيلاً وأبقاراً وَعَرَباتٍ جَميلةً جِدّاً مِنْ أَجْمَلِ ما يُمكِنُ أَنْ يَتصوَّرُهُ المرْءُ . وَكانَ لِلقصرِ أَيضاً حَديقَةٌ رائِعَةُ الجَمالِ تَحوي أَجْمَلَ الأزهارِ وأذْكى أشجارِ الفواكِهِ ، وَغابَةٌ صّغيرةٌ بِطولِ فَرسَخٍ تَحوي عَدَداً مِنَ الوُعولِ والأيائلِ والأرانبِ البرّيَّةِ وَمِنْ كُلِّ ما يُمكِنُ أنْ يُشْتَهى .

- ماذا ؟ أَلا يَبدُو لَكَ هذا رائِعاً ؟

- مُنْذُ الآنَ فَصَاعِداً -قالَ الصيّادُ-، سَنعِيشُ في هذا القَصرِ الجَميلِ وَسنُصبِحُ سعيدَينِ جدّاً .

- هذا ما سَنُفَكِّرُ بِهِ -قالَتِ المَرأةُ-. فَلنذهَبْ إلى النّومِ الآنَ .

في صَباحِ اليَومِ التّالِي استيقظَتْ هِيَ أوَّلاً ، كانَ يُمكِنُها مُشاهَدَةُ مَنْظَرٍ رائِعٍ مِن عِندِ كُلٍّ مِنَ السَّريرَينِ . وكانَ ما يَزالُ الزَّوجُ يَستَفيقُ مُتمَطِّياً ، لكزَتهُ بِذراعِها وقالَتْ لَهُ :

- اِنهَضْ وَأَلقِ نَظرَةً مِنَ النّافذةِ أيُّها الزّوجُ ! اُنظُرْ ! أَلا تَعتَقِدُ أنَّنا يُمكِنُنا أَنْ نُصبِحَ مَلِكَينِ لِكُلِّ هذِهِ البِقاعِ ؟ قُمْ وَاذْهَبْ إلى الأَميرِ السَّمَكَةِ وَقُلْ لَهُ أنَّنا نَرغَبُ أنْ نُصْبِحَ مَلِكَينِ .

- وَلكِنْ ما الّذي تَقولِينَ يا امْرَأَةُ ؟ -قالَ الرَّجلُ-. وَلِأَيِّ شَيءٍ عَلَينا أنْ نُصبِحَ مَلِكَينِ ؟ بِالنِّسبَةِ لي ، لَيسَ لَدَيَّ رَغْبَةٌ بِأنْ أُصبِحَ مَلِكاً .

- إذا كُنْتَ أنتَ لا تَرْغَبُ أنْ تُصْبِحَ مَلِكاً -قالتْ المرأةُ-، بِالنِّسبةِ لِي أنا ، إنَّنِي أرغَبُ بِذلِكَ . اِذهَبْ إلى لِقاءِ الأَمِيرِ السَّمكَةِ وَقُلْ لَهُ أنَّنِي أريدُ أنْ أُصْبِحَ مَلِكَةً .

ــ ما الّذي تَقُولِينَهُ يا امْرأةُ ؟ -قالَ الرجُلُ- لأيِّ سببٍ تَرْغَبِينَ أنْ تُصبحين مَلِكةً ؟ أنَا لا أُجرُؤُ أَن أطلُبَ مِنهُ شيئاً كَهذا .

- وَلِمَ لا ؟ -قالتِ المَرأةُ- هيّا اذْهَبْ ‏!‏ أنا لا بدَّ لي أن أصْبِحَ مَلِكةً .

ذَهَبَ الرَّجلُ ، وَلكنّه كانَ ذاهلاً لأنَّ امرأتَهُ ترغبُ أنْ تصبحَ ملكةً . " هذا ليسَ بحسنٍ " ، فكّرَ الرجلُ ولم يَكُنْ يُرِيدُ الذّهَابَ ، وَلكنَّهُ أَخِيراً ذَهَبَ .

عِندَما وَصَلَ إلى البحرِ ، كانَ لونُ الماءِ قاتماً وَكانَ البحرُ ثائراً متموِّجاً بشكلٍ شِرّيرٍ . اِقتربَ وَقالَ :

- أيُّهَا الأَميرُ السَّمكةُ ، يا سَمَكَةَ البَحْرِ ،

امْرَأَتِي ، إلسابيل ،

تَرْغَبُ أنْ تَبُوحَ بأُمْنِيَتِهَا .

ــ وَما الّذي تَرغبُهُ إذاً ؟

ــ فَلتعلَمْ -قالَ الرّجُلُ- إنّها تَرغَبُ أنْ تُصبِحَ مَلِكةً !

ــ اِرجِعْ إلى البَيتِ ، لَقد أصبحتْ مَلِكةً من الآنِ . -قالَ الأميرُ السَّمكةُ .

رَجِعَ الرَّجُلُ وَعِندما وَصَلَ إلى القصرِ كانَ هذا قَد أصبحَ أكبرَ بكثيرٍ ، وَأصبحَ لَهُ برجٌ رائعٌ بِزخارِفَ جميلةٍ ، وَكانَ هناكَ عددٌ كبيرٌ من الجندِ يحملونَ الطُّبولَ والمَزامِيرَ . عِندَمَا وَصَلَ إلى السّكَنِ ، وَجَدَهُ مَصنُوعاً مِنَ الرُّخامِ المُذهّب وَمغطّىً بالسُّجادِ الحَريريِّ في الأرضِيَّةِ وَعلى الحيطانِ ، وكانَ هُناكَ أيضاً الكَثيرُ مِنَ الصَّنادِيقِ الكَبيرةِ المُذهّبةِ . بَعْدَ ذلِكَ فُتِحَتْ أَبْوابُ البَهْوِ ، حَيثُ كانَتْ تَجْتَمِعُ فيهِ كُلُّ الحاشِيَةِ ، فَرأى امْرأَتَهُ جالِسَةً في عَرْشٍ عَظيمِ الشأنِ مِنَ الذَّهَبِ والمَاسِ ، وَهيَ تَضَعُ على رَأسِها تاجَ المَلِكَةِ الذَّهَبِيِّ ، وتَحْمِلُ بِيَدِها صّولَجاناً مَصنُوعاً أَيضَاً مِنَ الذَّهَبِ الخالِصِ وَالأحجارِ الكَريمَةِ ، وَإلى جانبَيها سِتُّ وَصِيفاتٍ يَقِفْنَ بصفٍّ مُنتَظَمٍ مِنْ أَكْبَرِهِنَّ إلى أَصْغَرِهِنَّ . عِندَها اقْتَرَبَ الرَّجُلُ وَقالَ :

- حَسَناً يا امرأةُ ، قَدْ أصبحْتِ الآنَ مَلِكةً .

- نَعَمْ -قالتِ المرأةُ- . أنا الآنَ مَلِكةً .

عِندَ ذلِكَ نَهَضَ وَنظرَ إليها ، وَبعدَ أن رَمَقَها بِنظرةٍ لِبُرهَةٍ ، قالَ :

- يا امرأتي ، ما أَروعَ أنْ أراكِ مَلِكةً ! لَمْ تَعُدْ لَنا رَغبةٌ أُخرى نَطلُبها الآنَ .

- لا يا زَوجِي -قالَتِ المَرأةُ ، وَكانَتْ مُثارَةً جِدّاً-. أنا ضَجِرةٌ جِدّاً وَلمْ أَعُدْ أَستَطِيعُ التَّحمُّلَ . اِذهبْ لِرُؤيَةِ الأَميرِ السَّمكةِ وَقُلْ لهُ أنَّني أُريدُ الآنَ أَنْ أُصْبِحَ امْبِراطورةً .

- ماذا ؟ ماذا تقولينَ ؟ -قالَ الرجلُ-. اِمبراطورةً ، لَنْ يَستَطِيعَ جَعْلَكِ امبِراطورَةً ، وَأنا لا أرْغَبُ أبَداً أنْ أَطْلُبَ مِنهُ ذلِكَ . لا يوجَدُ إلّا امبراطورٌ واحدٌ في كُلِّ البِقاعِ ، وهو لَنْ يَستَطِيعَ جَعلَكِ امبِراطورةً وَلا بِأيَّةِ حالٍ !

- ماذا ؟ -قالَتِ الْمَرْأةُ- إنّني المَلِكَةُ ، أمّا أنتَ فَلَسْتَ أكثرَ مِن زوجٍ لِي ،عَليكَ الذّهابُ بِأسرَعِ حالٍ . اِذهَبْ إلى هُناكَ : إن كانَ باستطاعتِهِ جَعلِي مَلِكةً فَلا بُدَّ أنْ يَكونَ قادراً أيضاً على جَعلي امبراطورةً ، وَأنا أرغبُ بِأَنْ أُصْبِحَ امبراطورةً . هيّا ‏!

لم يَكُنْ بِوِسعِهِ تِجاهَ طَلَبِها فِعْلَ شَيءٍ آخَرَ سِوى الذَّهابِ ؛ لكنَّهُ عِندَما كانَ في الطّريقِ ، شَعَرَ بالخَوفِ ، وَفكّرَ بنَفسِ الوقتِ : " هذا ليسَ حسناً عَلى الإِطْلاقِ ، يا لَها من صَلافةٍ ‏!‏ أن تَرغَبَ بأن تُصبِحَ امبراطورةً ! إنَّ الأميرَ السَّمكةَ سَينتهي بِأن يَفقِدَ صَبرَهُ الآنَ " .

وَصَلَ إلى البَحْرِ وَهوَ يَحْمِلُ كُلَّ هذِهِ التّأمُّلاتِ . كانَ البَحرُ هذِهِ المرّةَ ملوّناً بالأسودِ وَقاتماً ، وَكانَ هائجاً بشدَّةٍ وَمَليئاً بِالزّبدِ ، وَكانَتْ الرّيحُ تعصِفُ ثائرةً بقوَّةٍ شديدةٍ ، تقلبُ موجَ البَحرِ بهولٍ . وَجَدَ الصيّادُ نفسَهُ مَأخوذاً بِرُعبٍ شَديدٍ . اقْتَرَبَ وَنادى :

- أيُّهَا الأَميرُ السَّمكةُ ، يا سَمَكَةَ البَحْرِ ،

امْرَأَتِي ، إلسابيل ،

تَرْغَبُ أنْ تَبُوحَ بأُمْنِيَتِهَا .

- وما الّذي تَرغَبُهُ إذاً ؟ -سَأَلَ الأَميرُ السَّمكَةُ .

- آهٍ أيّها الأميرُ السَّمكةُ ! -قالَ الرَّجُلُ-. امرَأتِي تَرغبُ أن تُحوِّلَهَا إلى امبراطورةٍ .

- اِرجِعْ إلى مَنزِلِكَ -قالَ الأميرُ السَّمكةُ- فَهيَ الآنَ امبراطورةٌ .

قَفَلَ الرّجلُ راجعاً ، وَعندما وَصلَ ، كانَ القصرُ قد أصبحَ من الرُّخامِ المنحوتِ ، مزيَّناً بالتَّماثيلِ ومُرصَّعاً بالذّهبِ . أَمامَ البابِ كانَ الجُندُ يَمرّونَ عازِفينَ الأبواقَ والمزاميرَ وضاربينَ الطُبولَ. وَفي الدّاخلِ لم يكُنْ الباروناتُ والدّوقاتُ والأمراءُ سِوى مُجرّدَ خَدَمٍ ، يَفْتَحُونَ الأبوابَ المصنوعةَ من الذّهَبِ الخالصِ لَهُ . عِندَما دخلَ وَجَدَ امْرَأتَهُ جالسةً في عرشٍ صُنِعَ من قطعةٍ واحدةٍ من الذّهبِ بِارتفاعٍ لا يَقِلُّ عن سِتِّ قاماتٍ ، وَكانتْ تَضَعُ على رأسِها تاجَاً ذَهبِيَّاً عظيماً غُطِّيَ بكاملهِ بالزُّمُرُّدِ البرِّاقِ ؛ تَحْمِلُ الصَّولجانَ في يَدِها وَفي الأخرى تَحْمِلُ الكرةَ الاِمبراطورِّية . وَعلى جانِبَيها رُتِّبَ الخدَمُ الامبراطوريُّ من الأكبرِ إلى الأصغرِ بِصفّينِ ، مِنَ العملاقِ الّذِي كانَ طويلاً مثلَ قلعَةٍ ، حتَّى الأصغرِ القزمِ الَّذي كانَ مثلَ إصبعِ البُنصُرِ الصغيرِ . وَأمامَها كانَ هناكَ الكثيرُ منَ الدُّوقاتِ والأمراءِ . اِقتَرَبَ الرَّجُلُ بِوَجَلٍ وقالَ :

- يا امرَأتِي ، ولقد حصلتِ على أُمنِيتك وأصْبَحْتِ اِمبراطورةً .

- أَجَلْ -َقالتِ المرأةُ-، أخيراً أصبحتُ اِمبراطورةً .

اقتَرَبَ الصَّيَّادُ قليلاً مُتفحِّصاً إيَّاها بدقَّةٍ ، وبعْدَ أنْ لاحظَها لِبُرهةٍ ، قالَ :

- يا امرَأتِي أيَّةُ روعَةٍ أن تَكونِي امبراطورةً !

- حسَناً ، وَما الّذي تَفعَلُهُ أنتَ مكتوفَ اليدَينِ ؟ نعمْ ، أنا الآنَ امبراطورةٌ ، والآنَ أرغَبُ أنْ أُصبِحَ البابا لِكُلِّ العالَمِ . اِذهبْ لِرُؤيَةِ الأميرِ السَّمكَةِ !

- وَلكِن ، يا امرأةُ ، -قالَ الرّجلُ- أيَّةُ أفكارٍ مجنونةٍ تُراوِدُكِ ! أنتِ لا يُمكِنُكِ أنْ تُصبِحينَ بابا. لا يوجَد إلّا بابا واحدٌ في كُلِّ العالَمِ المَسيحيّ ،وَهذا لا يُمكِنُهُ مَنحَكِ إيّاهُ .

- يا زَوجِي -قالَتْ هِيَ- لَقَدْ قُلْتُ لكَ إنّنِي أُريدُ أنْ أُصبِحَ البابا ، هيّا اذهَبْ فلا بُدَّ لي أن أُصبِحَ بابا اليَومَ دونَ تأخيرٍ .

- لا يا امرأةُ -قالَ الرَّجلُ- لَن أعْمَلَ هذا بأيَّةِ حالٍ ، وَهوَ غيرُ حَسَنٍ إطلاقاً ، وَماهوَ إلّا طموحٌ واهِمٌ ، وَالأميرُ السّمَكَةُ لَن يُمكِنَهُ أَن يُحوِّلَكِ إلى بابا .

- يا زوجِي ، يا لِغَباءِ ما تقولُهُ ! إن كانَ أَمكَنَهُ جَعلِي امبراطورةً ، فَلا بُدَّ أن يَكونَ قادِراً على جَعلي بابا. هيّا بِسُرعةٍ ، إنَّني الاِمبراطورةُ ، وَأنتَ لَسْتَ سِوى زوجٍ لِي : أَتُرِيدُ أنْ تُطيعَ وَتَذهَبَ حالاً أمْ لا ؟

هكذا خافَ الرَّجلُ وَاتَّجَهَ نَحْوَ البَحرِ ، لكنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَشعُرُ أبَداً بِالرَّاحةِ ، كانَ يرتَعِدُ وَيمشي مُرتَجِفاً حتّى رُكبِهِ وقدميهِ . في السُّهولِ كانتْ الرِّيحُ تَعصِفُ بِشِدَّةٍ وَالغيومُ تَتَسارعُ لتحجُبَ ضَوءَ الشّمسِ فَكانَ كُلُّ شيءٍ قاتِماً . كانَتْ الأوراقُ تَتَساقَطُ من أشجارِها وَماءُ البحرِ يتلاطمُ ويَهدُرُ ضارباً الشّاطِئَ . فِي الأفُقِ البَعيدِ كانَ يُمكِنُ رُؤيةَ السُّفُنِ تُعلِنُ الخَطَرَ وَتُطلِقُ ضَرَباتِ المَدافِعِ طالبَةً العونَ والنّجدَةَ ، وكانَتْ تُرى مُتَراقِصةً وَقافزةً في الماءِ بشكلٍ مُخيفٍ . كانَتْ السَّماءُ ما تزالُ زرقاءَ في قُبَّتِها وَلكِنْ عِنْدَ أطرافِها كانَتْ تَقْتَرِبُ عاصِفَةٌ هائِلَةٌ . اقْتَرَبَ الرَّجلُ مِن الشّاطِئِ وَهوَ يَكادُ يَموتُ من الخَوفِ ثمّ َنادى قائِلاً :

- أيُّهَا الأَميرُ السَّمكةُ ، يا سَمَكَةَ البَحْرِ ،

امْرَأَتِي ، إلسابيل ،

تَرْغَبُ أنْ تَبُوحَ بأُمْنِيَتِهَا .

- وَما الّذي تَرْغَبُهُ إذاً ؟ سألَ الأميرُ السَّمكةُ .

- آهٍ ! - قالَ الرّجلُ - إنّها تريدُ أنْ تصبحَ بابا لِلدِّيارِ المَسيحيَّةِ .

- اِرْجِعْ إلى الْمَنْزِلِ ، فَقَدْ تَحَقّقُ ذلِكَ وَأصْبَحَتْ بابا .

رَجِعَ الرّجلُ وَعِنْدَمَا وَصَلَ إلى هُناكَ سُرْعانَ ما رَأى الكَنيسةَ العَظيمةَ مُحاطةً بِالقُصورِ . اقْتَرَبَ وَسارَ شاقّاً طَريقَهُ بَينَ جُموعِ المُحتَشِدينَ . في الدّاخِلِ كانَ كُلُّ شَيءٍ مُضاءً بِآلافِ الأَضْواءِ ، كانَتِ امْرَأتُهُ جالِسَةً في عَرْشٍ أَكْبَرَ مِنَ السَّابِقِ ، وَكانَ كُلُّ ما تَلبَسُهُ مَصنوعاً مِنَ الذَّهبِ ، وَهيَ تَضَعُ ثَلاثَةَ تيجانٍ كبيرةٍ مِن الذَّهبِ . كانَ يَجتمعُ حولَها العَديدُ مِن مَجالِسِ القساوِسَةِ وَرِجالِ الدّينِ . فِي كِلا الطّرَفَينِ كانَ هُناكَ صَفَّانِ مِن الثُّريّاتِ المُضيئَةِ ، مِنَ الأَكبَرِ وَالأَكثَرِ عَظَمَةً مِثْلَ البُرجِ ، حَتّى أَصْغَرِ ضَوءٍ فِي الكَنيسَةِ . وَكَانَ كُلُّ المُلوكِ والأَباطِرَةِ يَرْكَعونَ عِنْدَ قَدَمَيها وَيُقَبِّلُونَ صَنادِلَها .

-يا امرَأَةُ -قالَ الرَّجلُ رامقاً إيَّاها بِنَظرَةٍ مِن رَأسِها حَتّى قَدَمَيها -. ها أنْتِ قَدْ أصْبَحْتِ بابا .

- أجَلْ -أَجابَتْهُ-. لَقَدْ أَصْبَحَتُ بابا .

اقْتَرَبَ مِنها أَكْثَرَ رامِقاً إيَّاها بِنَظَراتِهِ ومُتَفحِّصاً إيّاها بِدِقّةٍ أَكْثَرَ ، كانَتْ تَبْدو لَهُ وَكَأنَّها تَلْمَعُ تَحْتَ هالَةِ الشَّمسِ . وَبعْدَ أنْ تَمَعَّنَها لِبُرْهَةٍ قالَ :

- آهٍ يا امْرَأَةُ ، كَمْ هُوَ رائِعٌ أنْ تَكونِي البابا ‍‏!‏

لكِنَّها كانَتْ جالِسَةً صامتةً جامدةً كَتِمثالٍ من حَجَرٍ وَلَمْ تَكُنْ تَتَحَرَّكُ أبَدَاً . لِهذا قالَ هُوَ :

- لا بُدَّ أنْ يكونَ شعورُكِ عَظيمَ الرَّوعةِ ، كونَكِ الآنَ بابا لكُلِّ الدِّيارِ !

- سَوفَ أُفَكِّرُ بِذلكَ - أجابتْ قائِلَةً .

بَعدَ ذلِكَ ذَهَبَ كِلاهُما لِلنَّومِ ، لكِنَّ المَرْأةَ لَمْ تَشْعُرْ بالسَّعادةِ ، وَلَمْ يَدَعْها طُموحُها تَسْتَسْلِمْ لِلنَّومِ؛ ظَلّت تُفَكِّرُ متسائِلَةً أيَّ شيءٍ آخرَ يمكِنُها أنْ تَصِيرَ . نامَ الرَّجُلُ جيَّداً وَبكلِّ راحةٍ ، حَيثُ أنَّهُ كانَ مُرْهَقاً من السَّيرِ طوالَ اليومِ السّابق . أَمّا هِيَ فَلَمْ تَسْتَطِعْ النّومَ وَقَضَتْ اللَّيلَ دائِرَةً مُتَجَوِّلَةً في المَكانِ، وَهِيَ تُفَكِّرُ متسائِلةً أيَّ شيءٍ آخرَ يُمكِنها أَنْ تُصبِحَ دُوْنَ أَنْ تَجِدَ جَوَاباً يُحَقِّقُ لَهَا أفضَلَ مِمَّا هِيَ فيهِ . فِي هذا الوَقْتِ كانَتِ الشَّمسُ قَد اقْتَرَبَتْ مِنَ الشُّرُوقِ ، فَعِنْدَما رَأَتِ المَرْأةُ بُزوغَ الفَجْرِ ، جَلَسَتْ في فِراشِها وَنَظَرَتْ مِنَ النَّافِذَةِ ؛ فكَّرَتْ وَهِيَ تَرى الشَّمسَ مقتَرِبَةً : " حَسَناً ، حَسَناً، أَلَيسَ مُمْكِناً أنْ أستَطيعَ أَمْرَ الشَّمسِ وَالقَمَرِ بالشُّروقِ ؟ "

- أيُّهَا الزَّوجُ -هزَّتْهُ ونادَتْهُ قائِلَةً بَعْدَ أَنْ ضَرَبَتْهُ فِي صَدْرِهِ-. اسْتَيقظْ وَانْهَضْ للذَّهابِ إِلى الأَميرِ السَّمكةِ وَقُلْ لَهُ إنَّنِي أُريدُ أنْ يمْنَحَنِي قُدرَةَ الخالِقِ !*

كانَ الرَّجلُ ما يَزالُ نِصْفَ نائِمٍ ، فَسَقَطَ مِنَ سَريرِهِ مِنَ الخَوفِ ؛ ثُمَّ سَأَلَها وَهوَ يَفرُكُ عَينيهِ مُعْتَقِداً أنَّهُ لمْ يسمَعْ الكلامَ جيداً :

- ماذا قُلْتِ يا امْرأةُ ؟

- أيُّها الزَّوجُ - قالَتْ بِدَورِها - إنْ لَمْ أسْتَطِعْ أَمْرَ الشَّمسِ والقَمَرِ أنْ يَطْلَعَا وَإذا ما كانَ عَلَيَّ سِوى مُراقَبَتُهُمَا كَيْفَ يَخْرُجانِ دُوْنَ فِعْلِ شَيءٍ ، فَلَنْ أستَطيعَ تَحَمُّلَ ذلكَ وَلَنْ تَكُونَ لِي ساعةُ هَناءٍ وسَلامٍ قَبْلَ أنْ أَتَمَكَّنَ مِنْ أَمْرِهِما أنْ يَطْلَعا .

قالَتْ لَهُ ذلِكَ وَنَظَرَتْ إِلَيهِ بِطَريقَةٍ جَعلَتْهُ يَرتَعِشُ ارتِعاشاً .

- تَحَرَّكْ ، هَيَّا ! أُريدُ أنْ أُصْبِحَ بِقُدْرَةِ الخالِقِ .

- يا لِلهَولِ يا امرأَتِي ! -قالَ الرَّجلُ وَجَثا راكِعاً أَمامَها-. هذا مُستَحيلٌ للسَّمكةِ الأَميرِ . لَقَدْ استطاعَ جَعْلَكِ امبِراطورةً ثُمَّ بابا . أَتَوَسّلُ إلَيكِ أَن تَعْدِلي عن هذا وَأنْ تُتابِعي على هذه الحالِ فَأنتِ البابا .

عِندَها بَدا واضِحاً أنَّها أُصِيبَتْ بِغَضَبٍ شَديدٍ . كانَتْ كَتِفاها تَرتَجِفان كَمَا لَو أنَّها مَجنونةٌ ، حتّى تَمَزَّقَ قَميصُها . رَكَلـَتْهُ عندَئذٍ رَكْلَةً قَوِيَّةً وَصَرَخَتْ :

- لَنْ أستَطيعَ التَّحَمُّلَ ، وَلَنْ أَتَحَمَّلَ وقتاً أَكْثَرَ ! أَتُريدُ الذَّهابَ حالاً وَلِلتّوِّ أمْ لا ؟

ارْتَدى الرَّجُلُ بِنطالَهُ وَخَرَجَ راكِضاً وَكأنَّ بِهِ مَسٌّ . في الخارِجِ كانَ الإِعصارُ يَهدُرُ بِكُلِّ قُوَّةٍ ، بِحَيثُ كانَ الرَّجُلُ يَستطيعُ بِالكادِ الاستِمْرارَ مُنتَصِباً على قَدَمَيهِ . كانَتْ الأشْجارُ تَتَساقَطُ وَالبُيوتُ تتهدَّمُ، وَالجِبالُ تَهْتَزُّ ، وَالصُّخورُ تَتَدَحْرَجُ حتَّى البَحْرِ ، وكانَتْ السَّماءُ السَّوداءُ القاتِمةُ كَفَمِ الذِّئْبِ تَرعُدُ ، والصَّواعِقُ تُشْعِلُ السّماءَ وتُضيئُها ؛ كانَتْ أمواجُ البَحْرِ السَّوداءَ كَالقُطرانِ تَرتَفِعُ حتَّى أبراجِ الكَنيسَةِ لِتُحِيطَها وتُغطّيها بِالزَّبَدِ الأبيَضِ . صَرَخَ الصّيّادُ دونَ أنْ يَستَطيعَ حتَّى سَماعَ صَوتِهِ :

- أيُّهَا الأَميرُ السَّمكةُ ، يا سَمَكَةَ البَحْرِ ،

امْرَأَتِي ، إلسابيل ،

تَرْغَبُ أنْ تَبُوحَ بأُمْنِيَتِهَا .

- ما الّذي تَرْغَبُهُ إذاً ؟ -قالَ الأميرُ السَّمكةُ- .

- آهِ ! -قالَ الصَّـيَّادُ-. تُرِيدُ أنْ تُصبِحَ بِقُدْرَةِ الخالِقِ .

- اِرْجِعْ ، إنَّها جالِسَةٌ الآنَ في كوخِها القَديمِ .

وهُناكَ مـا يـَـزالانِ فيــِه يَـســـكُنانِ إلى اليـَــومِ .



\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\

000000000000

* لا حولَ ولا قُوَّةَ إلّا بِالّله .

العنوان الأصلي : " El pescador y su mujer "من " Cuentos de Ninos y del Hogar " .

Los Hermanos GRIMM .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
لجنة الإعلام
Admin
Admin
لجنة الإعلام


عدد الرسائل : 2412
العمر : 47
تاريخ التسجيل : 22/05/2007

الصـــيّــادُ وَزوجَــتُــهُ Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصـــيّــادُ وَزوجَــتُــهُ   الصـــيّــادُ وَزوجَــتُــهُ Empty29/10/2011, 12:17 pm

قصة مميزة تحمل عبراً كثيرة من أولاها وأهمها أن التواضع والقناعة هما الكنز الحقيقي الذي يزين قلب وعقل كل إنسان... شكراً جزيلاً لترجمة هذه القصة.



جمعية أصدقاء سلمية
بيئة . ثقافة . تنمية

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://slmf.yoo7.com
أصدقاء فريتان وسلام
ذهبي
ذهبي
أصدقاء فريتان وسلام


عدد الرسائل : 34
العمر : 112
تاريخ التسجيل : 27/10/2011

الصـــيّــادُ وَزوجَــتُــهُ Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصـــيّــادُ وَزوجَــتُــهُ   الصـــيّــادُ وَزوجَــتُــهُ Empty31/10/2011, 10:41 pm

الشكر لأصدقاء سلمية "الجمعية"
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
لجنة الإعلام
Admin
Admin
لجنة الإعلام


عدد الرسائل : 2412
العمر : 47
تاريخ التسجيل : 22/05/2007

الصـــيّــادُ وَزوجَــتُــهُ Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصـــيّــادُ وَزوجَــتُــهُ   الصـــيّــادُ وَزوجَــتُــهُ Empty3/11/2011, 11:17 am

أصدقاء فريتان وسلام كتب:
الشكر لأصدقاء سلمية "الجمعية"
الشكر لكل أهلنا في القريتين العزيزتين.. فريتان وسلّام..والشكر الكبير للأستاذ رياد


جمعية أصدقاء سلمية
بيئة . ثقافة . تنمية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://slmf.yoo7.com
أصدقاء فريتان وسلام
ذهبي
ذهبي
أصدقاء فريتان وسلام


عدد الرسائل : 34
العمر : 112
تاريخ التسجيل : 27/10/2011

الصـــيّــادُ وَزوجَــتُــهُ Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصـــيّــادُ وَزوجَــتُــهُ   الصـــيّــادُ وَزوجَــتُــهُ Empty23/11/2011, 1:12 am

Admin كتب:
أصدقاء فريتان وسلام كتب:
الشكر لأصدقاء سلمية "الجمعية"
الشكر لكل أهلنا في القريتين العزيزتين.. فريتان وسلّام..والشكر الكبير للأستاذ رياد


جمعية أصدقاء سلمية
بيئة . ثقافة . تنمية


أنا شخصياً أخذت هذه الحكاية بلبي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
kai
ذهبي
ذهبي



عدد الرسائل : 117
العمر : 57
Localisation : Berlin
تاريخ التسجيل : 02/12/2009

الصـــيّــادُ وَزوجَــتُــهُ Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصـــيّــادُ وَزوجَــتُــهُ   الصـــيّــادُ وَزوجَــتُــهُ Empty23/11/2011, 2:13 am

كما قالت الامثال: القناعة كنز لا يفنى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أصدقاء فريتان وسلام
ذهبي
ذهبي
أصدقاء فريتان وسلام


عدد الرسائل : 34
العمر : 112
تاريخ التسجيل : 27/10/2011

الصـــيّــادُ وَزوجَــتُــهُ Empty
مُساهمةموضوع: القناعة كنز لا يفنى   الصـــيّــادُ وَزوجَــتُــهُ Empty26/11/2011, 6:09 am

kai كتب:
كما قالت الامثال: القناعة كنز لا يفنى

صحيح يا كاي "القناعة كنز لا يفنى" وهذا لا يناقض الطموح مع المنطق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الصـــيّــادُ وَزوجَــتُــهُ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: بوح-
انتقل الى: