جلست وحيدا في المنزل والمطر يقرع شباك شرفتي بصمت. فذهب بي الحنين والشوق للماضي بأحزانه وألامه وبفرحه وبهجته، وبعدها صحوة من هذا الحنين وتسائلة بيني وبين نفسي لماذا الأنسان يعود بحنينه للماضي بالرغم من صعوبة الماضي وألمه؟ لماذا لا يفكر بالحاضر والمستقبل ؟ لماذا هذه العودة للوراء؟ فأتاني جواب من عقلي الباطن ربما هو الخوف من المجهول والخوف من المستقبل الذي من المحتمل وقد يكون أفضل من الماضي وأجمل وقد يكون أسوأ وأصعب فهذا هو المجهول فأنت تمشي في درب لا ترى منه شيْ سوى الخطوة التي تخطوها الآن. أما باقي الدرب فهو ظلام داكن لا نور فيه بينما الماضي فهو واضح وضوح الشمس وأنا بذاتي لا ألوم أي أنسان يعود للوراء الى ذكريات الطفولة والشباب ولكن أطمح من نفسي وذاتي ومن غيري من البشر أن يبقى طموحه هو دافعه للأمام أن يرسم مستقبله بذاته كالفنان الذي يرسم لوحته وهو مدرك ما يرسم ويأمل أن تكون لوحته هي الأفضل والأجمل فالحياة جميلة وجمالها يكمن بصعوبتها و ليس بسهولتها فكلما كانت الحياة أصعب كلما كانت أجمل
لأن لولا طعم المرار لما تذوق الأنسان طعم السكر في حياته
فلنعود الى ذكريات الماضي وأروي لكم هذه القصة عن فتى بعد أن ولد وعاش نصف حياته في بيئة جميلة وبين رفاقا ولدوا معه ولعبوا سوية وجلسوا على مقاعد الدراسة سوية و عملوا سوية فأتت ظروف قاهرة وجعلته يغادر هذا الوسط الجميل الى وسط آخر جميل وأناس أجمل ولكن بيئة أخرى تختلف أختلاف جذري عن تلك البيئة التي ولد فيها فشبهت هذا الفتى بشجرة كانت في بيئة ونقلت الى بيئة أخرى فالسؤال هل ستعيش هذه الشجرة أم ستموت؟ فالجواب قد تموت لأنها لم تجد نفس التربة التي غرست فيها أول مرة ولا نفس المناخ الذي نشأت به ولا كمية الماء نفسها ولكن هل نحتم عليها بالموت المحتم لا قد تكون شجرة عنيدة فستعيش وأن كان ذلك بصعوبة وستنمو وتعطي ثمارا مفيدة وأخيرا أتمنى من هذا الفتى أن يكون كالشجرة العنيدة يعيش في وسطه الجديد وبيئته الجديدة ويثمر ويشعر بجمال الحياة ويفيد نفسه وبلده وشكرا