أحلام كيروساوا" في عرض سينمائي لأصدقاء "سلمية"
محمد القصير
الأحد 14 حزيران 2009
«كم هو الإنسان جميل عندما يتحد مع الطبيعة، وكم يبدو بشعاً وهو يخربها بيده، هذا ما تحدث عن الفيلم، وأنا أراه من الأفلام التي تحمل قيمة جمالية إضافة إلى قيمته الإنسانية وعلى كافة الصعد».
تعليق من قبل السيد "مصطفى الشيحاوي" لموقع eSyria بتاريخ 8 حزيران 2009 حول فيلم "أحلام" للمخرج الياباني "أكيرا كيروساوا" الذي عرضه النادي السينمائي في جمعية أصدقاء "سلمية"
والفيلم عبارة عن مقاطع ثمانية، بدأها بأحلام طفل، لتنتهي بحلم شاب، اتحدت كلها لتعطي سمفونية تشعر المشاهد بالغبطة أحياناً، وبالتقزز أكثر الأحيان.
وهنا يقول الباحث "محمد الجندي": «الفيلم قاسٍ ومرهق، ولكنه يعبر عن قوة في الرؤية، وإبداع في الصورة، وجرأة في الطرح، وإن كنا اعتدنا على السينما العالمية أن تكون بهذه الجرأة، أكثر ما لفتني هو طريقة معالجة الواقع الذي يستشفه أو يراه المخرج من خلال حرب نووية، وهو ـ أي المخرج ـ عاش هذه الأزمة في بلده اليابان، فكان الأقدر على نقل فظاعة التسلح النووي، وما يمكن أن يخلق من مآسٍ موجعة للبشرية».
السيد "فادي النظامي" يجد في الفيلم جرأة في الطرح، ويضيف: «في البداية عانيت من البطء في الصورة وكأن المخرج
|
البحث عن "كوخ" من خلال لوحاته |
أراد أن يحضرنا جيداً لكي نتلقى صدماته اللاحقة، بشيء من الحرفية أكد الفيلم أن العالم مقبل على الدمار، فالبداية كانت في اقتحام الطفل لقبيلة الثعالب التي تحتفل بزفافها، ثم انتقل بنا ليضعنا أمام حقيقة ما تصنعه يد الإنسان وهي تقطع الشجر بدون مبرر ما أدى إلى انعكاسات خطيرة على الأجيال اللاحقة».
السيد "حسن جعفر" الذي تابع الفيلم، قال: «هو فيلم مهم يعنى بالواقع البيئي العالمي من منظور مخرج يعرف تماماً ماذا يفعل بنا، وكأنه يريد معاقبتنا في مشاهدته لنشعر كم هو عمل الشر عقاب على الآخرين».
ويضيف السيد "مصطفى الشيحاوي" فيقول: «أكثر ما شدني فيه تلك اللوحة التي عرض خلالها المخرج فتاه الحالم والذي أصبح شاباً مع مرور الوقت، كيف عشق الرسم لذا شدّته اللوحات التي رسمها "فان كوخ" وعبر لوحة "الغربان" الشهيرة دخل هذا الشاب ليجوب في الطرقات الريفية التي رسمها "فان كوخ" حتى إنه التقى بالرسام نفسه وهو
|
محمد الجندي "ابو وضاح" |
يضع اللمسات الأخيرة على لوحة "الغربان" ليتركه ويدخل في الطريق الزراعي الذي يقطع الحقل لتنفض "الغربان" بصوتها الذي لا يحبذه الإنسان، وليخرج الحالم من حلمه مودعاً "فان كوخ" برفع القبعة تحية لذكراه».
ويضيف: «برأيي استطاع المخرج أن يجد الأسلوب الذكي لكي يضع هذه اللوحة وسط بداية الدمار ونهاية لا شيء فيها غير اليد العابثة».
أما الباحث "محمد الجندي" فيضيف: «روعة الإخراج وصلت بالعمل إلى شيء اسمه الحياة المثالية، فهل بمقدورنا أن نحيا كما يحيا عجوز اللوحة الأخيرة وهو يسكن في قرية لا اسم لها سوى أنها قرية طواحين الماء لكثرة النواعير فيها، هذه الحياة التي عرضها المخرج لها دلالات كثيرة، وهي أن الحضارة برغم كل الفوائد التي قدمتها للإنسانية، إلاّ أنها أخذت منها الشيء الكثير، ألا وهي الطمأنينة، وهذا ما وجده الشاب الحالم في تلك القرية التي لا كهرباء فيها، ولكنها تودع كبار السن في حفل بهيج يقدمونه إلى العالم
|
"كيرو ساوا" على خطى "فان كوخ" |
الآخر».
يبقى أن نقول أن "كيرو ساوا" بأحلامه هذه، هزّ الوجدان، وكأنه يريدنا أن نلقى مصيرنا قبل أن يقع، وهو بذلك يوجه رسالة للعالم أجمع، كفانا اقتتالاّ، كفانا تسابقاً نحو التسلح، فالحياة حلوة ببساطتها، ولا شيء ينقذنا غير قلوبنا البيضاء التي تأبى التلوث، فوردة فوق قبر إنسان نجهله، أجمل من رصاصة في صدر إنسان، ربما نعرفه.