من وحي المسير الرياضي إلى بعض تلال، وروابي ريف سلمية التاريخية، والأثرية..!!

ذهبي عدد الرسائل : 320 تاريخ التسجيل : 13/11/2008

من وحي المسير الرياضي إلى بعض تلال، وروابي ريف سلمية التاريخية، والأثرية..!!

*******************************************
أولا: الوصف العام لانطلاقة المسير:
انطلق مسيرنا الرّياضي لهذا الأسبوع إلى بعض روابي ريف سلمية الشمالي،وكما هو معتاد فقد كانت انطلاقة المسير عند الساعة السادسة من صباح يوم الجمعة الموافقة لـ /16/ أيلول ،ولأنّ جموع المسير كانت كبيرة وحاشدة إذ قارب العدد من /200/ مشارك ومشاركة، من صبايا المسير، وشبابه فقد انطلقت مواكب الشباب سيراً على الأقدام من أمام مقرّ الجمعيّة.. متجهين نحو روابي ريف سلمية الشمالي،مخترقين شوارع المدينة التي ماتزال نائمة وراقدة في مثل هذا الصباح الباكر.وعندما بدا نور الشمس يشرق ،كان نور الأصدقاء يعكس ضياءه على قرصها الذهبي، فيمزجه بألوان فسيفسائيّة مزركشة لامثيل لمنظرها،إنّه نور صباح الأصدقاء ممزوجاً بنور ذكاء..!!
*************************************************

منظر شروق الشمس، وقد اختلطت أشعتها الذهبية الصفراء،بسراب ضبابي شفاف..ما أجملك أيّها الشروق ،وأنت ترسل خيوطك الذهبية على وجوه أصدقاء المسير..!!
*************************************************
فتحيّة إلى هؤلاء الشباب محمّلة بندى هذا الصباح، وجوّه الضبابي الذي يبشّر بقدوم فصل خريف خيّر، معطاء... إن شاء الله .
أنشدأمير الشعراء أحمد شوقي مزجياً التحيّة إلى الشباب الذين هم برأيه ( أتمّ عقد من المآثر):
قالوا أَتَنظُمُ لِلشَبابِ تَحِيَّةً == تَبقى عَلى جيدِ الزَمانِ قَصيدا
قُلتُ الشَبابُ أَتَمُّ عِقدَ مَآثِرٍ == مِن أَن أَزيدَهُمو الثَناءَ عُقودا
وممّا لاشك فيه، أنّ وجوه صبايا وشباب الذين يدرجون على دروب المسير الرياضي في هذا الصباح، وجوه بشر، وفرح، وخير، وتفاؤل... بإذن الله.
ثانياً: شهرأيلول .. شهرالانقلاب الخريفي:
ولأنّ هذا الصباح المضمّخ بعطر الشباب ،وبعطر النّدى، هو أحد صباحات شهر أيلول من هذا العام، الذي له لون وطعم خاص بما يرسم من لوحات ريفية جميلة في مدينتي سلمية، عروس البادية، وسميّة أمّ البلدان (القاهرة) .
*************************************************

لوحة ريفية جميلة، يزدان إطارها بشريط ضبابي، ومضمّخ بعطر الصباح النّدي..!!
*************************************************
وطبعاً في مثل هذا الجوّ الصباحي، الضبابي، الشاعري،يحلو لشيطان الشعر أن يطوف بالخيال، ويمرّ على أيكة الغوادي والحسان في مسيرنا الرياضي، وينشد شعراً جميلاَ، ليس بأبهى، وأبلغ، وأجمل من الشعر الذي نظمه الشاعر الحلبي (جرمانوس الشمالي) والذي أخذ اسمه ذكراً بنابغة حلب السيد( جرمانوس فرحات).قال من منظومة في شهر أيلول، ولياليه الملاح:
من نظم درٍّ وَياقوتٍ وَمُرجان
طابَ النَسيمُ لَدى تَقريظهِ العطرِ== وَالأَرضُ قَد أَمرعت مِن حُسنِهِ النضر
أَغنى نَداهُ عَن الأَنداء وَالمَطرِ == وَالوَجهُ أَغنى عَن الازهار وَالزُهُرِ
فَعادَ أَيلول يَحكي شَهر نيسان
ووجوه صبايا وشباب المسير أغنت عن الأزاهير والرّياحين في مثل هذا الصباح من شهر أيلول المكرمات، والبطولات، والجمال..!!
فأعظم، وأجمل ،وأنبل بشباب وصبايا المسير الرّياضي في جمعيّة أصدقاء سلمية..!!
ثالثاً: إطلالة المسير على بعض تلال، وروابي ريف سلمية التاريخية والأثرية:
وعلى دروب مسير اليوم، كان محاوري الصديق(أبو وضاح)يجيب عن سؤالي الذي وجهته له قائلاً:مااسم هذا التلّ الذي نقف عليه..؟؟ بينما كنّا وبعض الأصدقاء قد سبقنا جموع المسير،ووصلنا إلى قمّة الرّبوة التي نقف عليها،وأخذنا من هذه الرّبوة ننظر إلى حشود المسير المتناثرة كا للآلىء على الدروب الرّيفية الترابية، وهي تقترب من شيئاً فشيئاً، وكأنها زنابق برّية شبّت أعناقها، وتفتّح أريج عطرها، وفاح من بعيد ..!!
*************************************************

أصدقاء المسير يشقون طريقهم في الصباح الباكر،ويصعدون ذروة أحد تلال الخصيمية،وسط جوّ ضبابي،ينبىء بقدوم فصل خريف خيّر، معطاء.

************************************************
أجاب أبو وضاح وهو يشير بيده نحو الغرب:ذلك التلّ يسمّى بتلّ( أبو عقيرب ،أو شاهين نسبة إلى صاحب الأرض )وغربه تماماً على طريق سلمية حماه(تل الحمصي) الذي اكتشف فيه مؤخراً بعض اللقى الأثرية تعود إلى العهد الآرامي،
*************************************************

تل (الحمصي) آبدة أثرية وتاريخية هامة، جرت فيها أعمال التنقيب مؤخراً.. وهو أحد تلال المنطقة الشهيرة، والتي يزيد عددعا على أربعين تلاً في سلمية وريفها..!!
*************************************************
وعنأهم اللقى الأثرية التي تم الكشف عنها منذ بدء العمل به في العام 2004 ((تم اكتشاف مدفنين عائدين لطفلين من الفترة المذكورة البيزنطية، ومنالمكتشفات التي تم العثور عليها مؤخراً بعض الدمى الطينية الصغيرة وبعض التقالاتالمستخدمة في صناعة النسيج))،و ما تزال تنقبّ في ذراه بعثة أثرية من قبل المديرية العامة للآثار،أما هذا التلّ فيسمّى( تلّ الخصيمية) نسبة إلى اسم المنطقة الموجود فيها،وممّا يجدر ذكره في هذا المجال أنّ منطقة سلمية وريفها وباديتها محاطة بسلسلة من الروابي والتلال كما يحيط السوار بالمعصم،وعددها يزيد على ألف تل،أما في مدينة سلمية وحدها فيربو العدد على أربعين تلاً، ومن أشهرها:: تلخريس" "المزيرعة" "عربيد" "الدرة" "بورباح" "سمنّون" "الغزالة" وهوالأكبر حجماً ،وهناك "تل التوت" "بري" "بركان" "خصيمية" "سنان" الصيادة" "العرك" "بوعقيرب" و"تلالشيخ علي" الذي ربما يكون هو الأهم فيها على الإطلاقبسبب كبر حجمه وشكله النموذجي كتلٍ أثري ومشابهته لـ "تلمرديخ" حيث اكتشفت "مملكة إيبلا" الشهيرة".وكلّ هذه السلسلة من التلال ذات قيمة تاريخية، وغنيّة بالآثارالتي تعود بعضها إلى عهود(العموريين،والآراميين،والآشوريين،والكلدانيين،والفرس،
والبيزنطيين،والمسلمين) وتتخذ التلال الأثرية ثلاثة نماذج: منها المحدبة القببية،والمسطّحة الدائرية، وذات الأبراج،كما تقول المهندسة(لينا الخطيب)رئيس شعبة الآثار في سلمية...وتضيف:
تنتشرالتلال الأثرية في "سلميّة" من البادية شرقاًإلى المدن الداخلية غرباً،ومن الشمال إلى المناطقالجنوبية، والعكس صحيح ، وممّا ساعد على نشرها في أطراف البادية هو توفر الكلأ..**)
*************************************************

رتل مسير الأصدقاء، يرتقي قمّة أحد تلال الرّيف الشمالي(الأطوز)،وقد بدا الإعياء والتعب على بعض المشاركين..ولكنّه نشاط يدخل البهجة والسرور إلى النّفوس،وخاصة إذا كان من ترافقه صديق عزيز،او ظبي رشيق..!!
*************************************************
وكلّ هذه التلال كانت فيما مضى مجاورة لعين ماء تروي السهول الرّيفية الخصبة المحيطة بها ،ممّا جعلها تزدهر بحضارة زراعية ورعوية وصل امتدادها غرباً إلى ضفاف نهر العاصي،وشرقاً إلى تخوم بادية الشام.وربّما أجمل وصف لتلك السلسلة من التلال ،وما نشأ فيها من حياة وحضارات،ودرج على رباها من ظباء وغزلان هو قول الشاعر عمر اليافي الفلسطيني المولد،الدمشفي الإقامة:
بُدورٌ بِدورِ الحان دارت كواكبي == عليها فقالت شهبها مَن كواكَ بي
مراتعُ غزلانٍ جآذر ربربٍ == ربت في روابي ربع سرب الربائب
فعنّي سل سلمَى وسلسل صبابتي == ومنّيَ سل سلماً ومل عن محاربي
نشأتُ به نشوان حالٍ فمرّ بي == مرور الصبا في زهر روض الأطايب
فحقاًَ نشأت، ودرجت على متن بعض تلك الرّوابي عندما كانت عامرة بالحضارة،واليوم يدرج فوق تلك الروابي أصدقاء المسير، وأحفاد رجالات الماضي، وربّما بدأبهم ونشاطهم يعيودن الزهوة والخضرة والجمال إلى بعض تلك الروابي التي بدت مزدانة بالخضرة ومغروسة بالغراس والأشجار المثمرة .
***********************************************

لوحة طبيعية لبعض التلال(الخضر والأطوز)، المزدانة بالخضرة والجمال،والمغروسة بالغراس والأشجار المثمرة ..
*************************************************
وفي غابة من تلك الغابات الصناعية بنا الأحبّة عرزالاً بسيطاً ووضعوا في تلك الصومعة عالماً من الحبّ، والفلسفة، والخيال ،إنّه عالم المبدعين بالفن والشعر والخيال..وسلمية بلد الفنّ والشعر،وصومعة المبدعين.
*************************************************

العرزال..صومعة الشعراء والفلاسفة،وعش دافىء للعشاق وأهل الهوى..!!
كم أحسد من يقيم فيه بعيداً عن صخب الحياة، وضوضائها...!!
*************************************************

رابعاً: وفي الختام استراحة المسير، ونشاطات رياضية، وفنيّة..!!
وفي ختام مسيرنا لهذا الأسبوع ،وبعد أن سرنا لمدة زادت عن ساعتين،عبر طرق ترابية وجبلية وعرة، ممّا أعيا البعض طول الطريق ووعورته ، فركبوا في الحافلات في آخر وصلة للمسير،ثم جلسوا يستريحون من عنائه، تحت أشجار الصنوبر في غابة جبل عين الزرقاء الحراجي، فرحين مبتهجين في استراحتهم،وعبّروا عن فرحهم هذا بممارسة هواياتهم المتنوعة: من شرب المتة ،والغناء الجماعي..
*************************************************

الفرح، والبهجة تغمر وجوه الشباب من الجنسين،فتتشابك أيديهم بأغصان الأشجار التي استظلوا بظلّها،فبدت تتراقص على وقع الألحان التي أخذوا يردّدونها..!!
************************************************
و كذلك نفّذ الأصدقاء بعض الألعاب والنشاطات الرّياضية الكروية الفنيّة والرّيشة أيضاً..2308
*************************************************

نشاطات رياضية متنوعة نفذها أصدقاء المسير على مفارش طرق الغابة الصنوبرية...
*************************************************
وكلّ ذلك في أجواء من المحبّة، والاحترام، والتعارف، والتقيّد بتعليمات مشرف المسير وتوجيهاته،لأنّ في ذلك خدمة لأهداف المسير الرّياضية والاجتماعية،والثقافية،وممّا لاشك فيه أنّ مثل هذه الأجواء تعكس صفاء ونقاء المجتمع الأهلي من جهة،وتعلي شأن مدينتنا(سلمية)مدينة ألأوابد الآثرية، والتراث الشعري الرّائع من جهة ثانية،يقول أبو فراس الحمداني في إحدى روائعه، يذكر سلمية، وهوفي طريقه إلى حلب الشهباء، ويشيد بفتيانها الذين لايطيق صبراً على فراقهم:
كم تجرعتُ للفراقِ كؤوساً == لا ولا مثل كأسِ هذا الفراق
من ترى طارقاً سَلَمْيَةَ يبغي == حَلَباً مَنْ ترى مِنَ الطرّاق
فاحتراقي بعد الفتى السَّلْمَانيّ == فدعني من بعده واحتراقي
ما بقائي من بعدِهِ ما بقائي == كل باقٍ على الأسى غير باق
ونحن إذ نودّع أصدقاء المسير في هذا الأسبوع، نقول لهم:إنّنا على عهود المحبّة، والصداقة، والتعاون المثمر باقون في جمعيّتنا: جمعيّة أصدقاء سلمية، يحدونا الأمل، ويغمرنا الفرح بلقاء صبايا وشباب المسير، ويحثّنا الحنين،وتدفعنا لهفة الشوق من جديد للإسراع بلقائكم ، في مسير قادم.... بعون الله وتوفيقه.

الصديق: حيدر حيدر
سلمية في /17/9/2011/

تجمعنا خطوات السير على دروب الطرقات ونعود لنجد وحي المسير الرياضي يحوم بلغته الأدبية في رحاب المنتدى .. دمت بود أستاذ حيدر