من وحي المسير الرياضي الثاني إلى ذرا قلعة( شميميس)..!!

ذهبي عدد الرسائل : 320 تاريخ التسجيل : 13/11/2008

من وحي المسير الرياضي الثاني إلى ذرا قلعة( شميميس)..!!
**************************************
أولاٍ: الموقع...وبعض المعلومات التاريخية عنها:
تقع شمال غربي سلمية على بعد (3) كم منها، وتبعد عن حماة (25كم)، سببتسميتها هو نسبة إلى أحد ملوك حمص من أسرة (شميسغرام) العربيةأيام الرومان الذين كان يحميهم أحد أفراد هذه الأسرة .اشتهرت شميميس بموقعها الاستراتيجي الهام بالنظرلإشرافها على سهول حمص وحماة والأراضي الشرقية حتى البادية السورية.
***************************************

قلعة شميميس،ترنو إلى الشرق لتعانق(أمّ القاهرة)،وتمدّ يدها إلى من يرمّم أوابدها الطللية، التي هي رمز لشموخ مدينة سلمية ومجدها وعراقتها.. وفي إطلالتها نحو الشرق معالم، تاريخ، وحضارة، وأمجاد تذكر بماضي( سلاميس) التليد، والعريق.
***************************************
ومن قصيدة بعنوان(صباحاً في الطريق إلى شميمس) قلت:
شميميس..
أيتها الغادة الحسناء..
ارنِِ بطرفك الساحر..
نحو الشرق..
حيث ترقد..(سلمية)
واحة..
مفروشة تحت قدميك.
بردائها الأخضر الجميل..
عن وصفها..الشعراء
يعجزون..!!
عروساً..
كحمامة برية بيضاء
تسبح في أثير البلعاس
بلا هم ..أو شجون..!!
مطرز شالها..
بسنابل القمح..والذرة..والعيطون..!!
مجدولة ضفائرها
من عرائش العنب
وأغصان الزيتون..!!
حمرة وجنتاها..
بلح شهي..
تقطّر عسله المكنون..!!
بلسم شفتاها
ممزوج..
بعطرالحبق.. والزيزفون..!!
ممشوقة قامتها
كعود رمان..
أوقصب مسنون..!!
هي ابنة الصحراء
وملاذ العشاق
منذ ليلى... والمجنون..!!
خمورها معتقة
خوابيها..
من كروم بلادي
من معاصر الزيتون..!!
عقدت فوق روابيها
سحابة....
لم تنجب...
رغم المخاض...
وآلام السنين..!!
بها شعب صلبٌ..
أبداً.. لم... ولن يركع...لعدوّ..
شعبٌ أبيّ...
دوماً،مستعد لردّ...
كيد المعتدين...!!
*******************************************
ولم تكن قلعة شميميس في يوم من الأيام مجرّد آبدة أثرية،يدلّ ماتبقى من أطلالها على مرحلة تاريخية معيّنة ، شهدت أحداثا جساماً وتنازعاً على الملك بين ممالك مختلفة، منذ أن بناها أمراء حمص من أسرة شميسغرام العربية في القرن الأول ق.م ،ثم أصابها زلزال مدمّر، فتداعى معظم بنائها الأول،ثم أصابها التدمير على يد كسرى(أبرويز) الفارسي عام 613 م.إلى أن جدّد بناءها الأيوبيون، ويقال:أنّ شيركوه صاحب حمص شرع بعمارة قلعة الشماميس(627) هـ).
بل إنّ شميميس اليوم بإطلالتها النيّرة كنجمة الصبح على سهول سلمية من الشمال والشرق،وسلسلة تلال العلاة من الغرب ،وسهل المزيرعة من الجنوب،والغريب في موقع هذه القلعة أنّ القادم إلى سلمية من أيّة جهة،أوّل مايبصر من بعيد ذرا قلعة شميميس فهي تتربع فوق تلّ يبدو أنّه أعلى من كلّ سلاسل التلال والجبال المحيطة به (جبل الخضر والأطوز شرقاً،وجبل عين الزرقاء جنوباً،وسلسلة تلال العلاة غرباً.
إنّ قلعة شميمس اليوم تعتبر رمزاً من رموز شموخ سلمية ومجدها وإبائها،على الرغم من كلّ الظلم والإهمال الذي لاقته من أبنائها،ومن المشرفين على أوابدنا الأثرية،وعلى الرغم من كلّ ماكتب حول أهميّة القلعة تاريخياً وأثرياً،إلا أنّ يداً حانية لم تحاول ترميم أوابدها المتداعية والمتهالكة فوق ذروة قمتها...!!،ولا حتى مؤسسة (الآغا خان) التي عمدت في الفترة الماضية إلى ترميم كثير من قلاع سوريا مثل قلعة حلب ،ومصياف وغيرهما من قلاع سورية التاريخية ومبانيها الأثرية..!
إلا أنّها صمّت أذنيها،وأغمضت عينيها، عندما تراءت لها شميمس من بعيد.. وكأنها سراب في صحراء شاسعة !!فهل ياترى يشهد المستقبل ربيعاً لشميميس ،كان قد غيبّه ـ لسنوات طويلة ـ خريفها الكئيب في الماضي...؟؟نأمل ذلك..ودائماً نردّد: لك الله، ياذرا شميمس الشامخة...!!،ومن منطق التفاؤل بالمستقبل نقول: تفاءلوا بالخير تجدوه..!!
الوصف العام لتسلّق الأصدقاء إلى ذروة القلعة.

وصل الأصدقاء إلى أطراف السفح الشرقي لقلعة شميميس،وهنالك تجمعوا استعداداً للارتقاء إلى قمّة القلعة..
*****************************************

جموع أصدقاء المسير تستعدّ للارتقاء إلى ذروة شميميس..
******************************************
بدت قلعة شميميس من بعيد شامخة فوق ذروة جبلها الأشم ،وكأنّها ملكة تجلس متوّجة على عرشها، أبصار الأصدقاء انشدّت إلى الأعالي والتقطوا أنفاسهم كي يبدؤوا مشوار المسير للوصول إلى قمتها،وهمّة الشباب، غير همّة الشيوخ في خوض غمار ارتقاء جبل كجبل شميميس..!!
وأول محطة في مسير الصعود ،تطالعك شاخصة معدنية نصبتها جمعية العاديات في سلمية للتعريف بالقلعة وبسرد نبذة عن تاريخ إنشائها ومراحل التطور التاريخي التي مرّت بها..
******************************************

شاخصة معدنية نصبت على السفح الشرقي للقلعة من قبل جمعية العاديات،للتعرف بالقلعة وتاريخها..
***************************************

انطلق الشباب مرتقين إلى الذروة، وكلّهم عزيمة ونشاط ليتعرفوا على آثار هذه الآبدة التي كانت في يوم من الأيام مهداً لحضارة وازدهار مدينة(سلاميس)أي سليمة اليوم..
*******************************************

جموع المسير يرتقون السفوح الشرقية للقلعة الشامخة..
*******************************************
وكانت المحطة الثانية لهم هي بلوغ سنام الخندق المحيط بالقلعة،والذي كان في الماضي يشكل مانعاً مائياً حصيناً ضدّ أي غزو خارجي يريد الوصول إلى القلعة وفتحها، (أي: بعد ملء هذا الخندق بالماء من عين الزرقاءالقريبة ).
******************************************

الخندق المحيط بالقلعة كما يحيط السوار بالمعصم..
*****************************************
تجوّلنا حول الخندق، والتففنا من جهته الشمالية الشرقية إلى جهته الجنوبية الغربية،وبدا هذا الخندق يحيط بالقلعة من كلّ الجهات كما يحيط السوار بالمعصم،وراق المنظر لبعض الأصدقاء المغامرين فقرّروا الارتقاء إلى أعلى نقطة في القلعة ليطلعوا على أطلال أوابدها عن كثب وليتعرفوا على بئر الهوة الذي يتوسطها،ولكي يروا ردهات وإيوان قصورها وحجراتها،وليروا السور المنيع الذي سوّرت به شميمس..
******************************************

الأصدقاء يحلقون في سماء القلعة، كما تحلّق الطيور في كبد السماء
*******************************************
وقد بدا لنا مشهد الأصدقاء وهم في أعلى القلعة،وكأنهم طيور تقف على أوابد وصخورها،أما بقايا السور فكان يظهر لنا من الأسفل وكأنها أبراج لم يبق منها إلا بعض الأقواس والقناطر المتهاوية المتهالكة..
******************************************

بقايا أطلال أبراج سور قلعة شميميس الأثرية..ونراها في المشهد كالحنيات والأقواس المتدّلية...!!
******************************************
لقد جال الأصدقاء في ربوع أطلال القلعة وأطلوا علينا من الجهة الغربية ليقولوا لنا:إنّ تواصلا مابين الماضي والحاضر حدث اليوم من خلال زيارة صبايا وشباب المسير أوابد أم القلاع (شميميس).
**************************************
أيها الأصدقاء،أيّها القرّاء الأعزاء ..!!
لقد كان ارتقاء الأصدقاء إلى ذروة قلعة شميميس بثمابة بمثابة تقصّ وبحث عن حقائق تاريخية ثابتة مفادها:أنّ هناك دولاً وممالكاً وقلاعاً تشاد وتنهض، وتقوى، ثم تضعف تدريجيا لتزول ولايبقى ما يذكر بحضارتها غير الدّمن والأطلال الدارسة ..!!
أين أكاسرة الفرس،وأين أباطرة الرّوم ،وأين ملوك الفراعنة ، مشيدوا أهرامات مصر...؟؟ زالوا جميعاً، ولم يبق من ذكراهم إلا أوابد أثينا وروما، وأهرامات مصر...!! ،والحقيقة التاريخية الثابتة،أن لابقاء للملكة على الأرض مهما كانت قوية الجانب، وراسخة الأركان،فلايغترّن أحد بقوته، وجبروته، فالكلّ إلا زوال، ولايبقى غير الوطن، وقيم الحق والخير والفضيلة التي لاتزول إلا بزوال الكون..!!
أيّها الأصدقاء :في جمعيّة أصدقاء سلمية باسم المحافظة على التراث،والمحافظة على الأوابد الأثرية في منطقة سلمية..وطبعاً في مقدمتها آثار قلعة(شميميس)،أيّدوا معي حملة من أجل ترميم آثار تلك القلعة أسوة بقلعتي حلب ومصياف .. كي نحافظ على ماتبقى من أطلالها التي زارها أصدقاؤنا في مسيرهم هذا اليوم..!!
وفي الختام :إنّني أحيي أصدقاءالمسير الرّياضي في نشاطهم المميّز الذي يوثق عرى التعارف بينهم،ويقوي روابط المحبّة والتعاون بين أفراد أسرة المجتمع الأهلي،ويسلّط الضوء على تراثنا، ويدعو للمحافظة على كنوزه الأثرية والثقافية..!!وإلى لقاء جديد, في مسير رياضي جديد أتمنّى لجميع المشاركين في مسير اليوم المتعة.. والفائدة.
وفي الختام أوّدعكم وأودّع( شميميس) بالقول:
شميميس...
ياقصيدة شعر ..
لم تنظم.. بعد..!!
ويا خاطرة نثر...
لم تكتب..بعد..!!
على حواف سياجك...
نبت الزعفران...
وتطاول العيصلان...
وعند أسوارك الحصينة ...
تقهقر الرومان...!!
وعبر شعابك ووديانك..
كم..؟؟وكم فاض طوفان؟!
كنت همزة وصل..
بين الشرق ..وبين الغرب..
وكنت موئلاً..وملاذاً
للمسافرين...للمتعبين..
هاهو ذا.. أبو الطيب المتنبي...
يقف على شرفات مدخلك...
يسجل اسمه..بين الزائرين..
في طريقه..
*بين حمص..و(قنسرين..)..!!
وذاك رهين المحبسين...
في طريق أوبته من بغداد..
يقف عند أسوارك..
يذرف دمعتين..!!
وتلك أقداح ديك الجن...
مصفوفة في ردهات حجراتك..
ملأى بخمر حبّك المعتق...!!
فلنكن..معاً...
ـ ياعاشق شميميس ـ..
أوّل الثملين....
*( قنسرين): بلد تقع بجانب حلب ذكرها المتنبي في قوله:
كَتَلِّ بِطريقٍ المَغرورِ ساكِنُها == بِأَنَّ دارَكَ قِنَّسرينُ وَالأَجَمُ

سلمية في /27/9/2011/
الكاتب: حيدر حيدر

حيدر محمود حيدر كتب:: شميميس..
أيتها الغادة الحسناء..
ارنِِ بطرفك الساحر..
نحو الشرق..
حيث ترقد..(سلمية)
واحة..
مفروشة تحت قدميك.
بردائها الأخضر الجميل..
عن وصفها..الشعراء
يعجزون..!!
عروساً..
كحمامة برية بيضاء
تسبح في أثير البلعاس
بلا هم ..أو شجون..!!
مطرز شالها..
بسنابل القمح..والذرة..والعيطون..!!
مجدولة ضفائرها
من عرائش العنب
وأغصان الزيتون..!!
حمرة وجنتاها..
بلح شهي..
تقطّر عسله المكنون..!!
بلسم شفتاها
ممزوج..
بعطرالحبق.. والزيزفون..!!
ممشوقة قامتها
كعود رمان..
أوقصب مسنون..!!
هي ابنة الصحراء
وملاذ العشاق
منذ ليلى... والمجنون..!!
خمورها معتقة
خوابيها..
من كروم بلادي
من معاصر الزيتون..!!
عقدت فوق روابيها
سحابة....
لم تنجب...
رغم المخاض...
وآلام السنين..!!
بها شعب صلبٌ..
أبداً.. لم... ولن يركع...لعدوّ..
شعبٌ أبيّ...
دوماً،مستعد لردّ...
كيد المعتدين...!!

سلمية في /27/9/2011/
الكاتب: حيدر حيدر

شكراً لموضوعك المميز الذي تضمن هذا الوصف الجميل للؤلؤة سلمية .. قلعة شميميس

جمعية أصدقاء سلمية
بيئة . ثقافة . تنمية