من وحي المسير الرياضي إلى الصيّادة...!!

ذهبي عدد الرسائل : 320 تاريخ التسجيل : 13/11/2008

من وحي المسير الرياضي إلى الصيّادة...!!

***********************************************
أولا: الوصف العام:
***************
في صباح جمعة هذا اليوم من أيام شهر كانون الثاني،انطلق مسيرنا الرّياضي الخجول عدداً من مقرّ الجمعة ،متجها نحو المنطقة الشمالية من سلمية ،وتحديداً إلى قرية الصيّادة،حيث تتواجد على حدودها الغربيّة مزرعة لأحد أصدقائنا في جمعيّة أصدقاء سلمية..كانت المسافة التي تفصلنا عن بلوغ هدفنا في مسير اليوم..تبلغ حوالي ستة كيلو مترات،قطعناها بحوالي ساعة ونصف،عبر طرق ترابية طينية نتيجة هطول الأمطار..ممّا جعل أحذيتنا الرّياضية ثقيلة لكثرة ماحملت في أسفلها من طين، ممّا تسبّب في تلوّث ثيابنا،وزاد في معاناة سيرنا على أطراف الطريق تجنّبا للسير في هذه الطرق الموحلة..

*****************************************************

أصدقاء المسير... يحثون خطاهم في دروب طينية موحلة..!!

*****************************************************

ولكنّ جمال الطبيعة في هذا الصباح الشتوي الدافىء نسبياً، كون شمسه سطعت في مشرقها، أنستنا صعوبة الطريق،وأنستنا ثقل أقدامنا المحمّلة بالكتل الطينية...وأطلّت علينا من بعيد قلعة (شميميس) الآبدة التاريخية الخالدة،رمز إباء سلمية،ورمز عراقتها وأصالتها الحضارية والتاريخية،أطلّت ترمقنا بعيون حانية،وقلب أمّ رؤوم..

***************************************************

قلعة شميمس.. أطلّت علينا من بعيد.. وهي ترمقنا بعيون حانية،وقلب أمّ رؤوم..!!

****************************************************

وفي هذه الأجواء الرّومنسية الصباحيّة النّدية تذكرت أبياتاً للشاعر بشاربن برد وكان كما تعلمون ضريراً ،إلا أنّه أول المحدثين في شعره،ومن شعراء الغزل المجيدين ،ومسيرنا الصباحي يحتاج إلى بعض غزل بن برد حيث يقول:

الطُرقُ مُقبِلَةٌ وَمُدبِرَةٌ == هَوِّن عَلَيكَ لِأَيِّها رَكَبا

لَولا الحَمامُ وَطَيفُ جارِيَةٍ == ما شَفَّني حُبٌّ وَلا كَرَبا

إِنَّ الَّتي راحَت مَوَدَّتُها == رَغماً عَلَيَّ فَبِتُّ مُكتَئِبا

حَوراءُ لَو وَهَبَ الإِلَهُ لَنا == مِنها الصَفاءَ لَحَلَّ ما وَهَبا

كَالشَمسِ إِن بَرَقَت مَجاسِدُها== تَحكي لَنا الياقوتَ وَالذَهَبا

وطرق مسير اليوم كطرق بن برد مقبلة ومدبرة،إلا أنّها في النهاية استقامت على الطريق المعبّد المتجه من سلمية إلى الصيادة.

ثانياً:الحوار على طريق المسير:

**************************

كان صديقي على دروب مسير اليوم،زميل لي، (فنّان) يتعامل مع لمسات الرّيشة،كما تتعامل أصابع الموسيقي مع آلته الوترية،إلا أنّ حديثنا لم يأخذ هذا المنحى،وإنما تناول مسيرة المجمتع الأهلي وطبعاً جمعيتنا جزء منه،والمجتمع ألأهلي في جمعيتنا تحديدا، يحتاج إلى اختيار قيادة شبابية له في المرحلة القادمة،تستطيع أن تنهض به وعلى الشيوخ أن يرتاحوا وينأوا عن الترشح لعضوية مجلس الإدارة،ولكنّ صديقي شكك في ذلك،وقال إنّ بعض أصدقائنا لايوافقون على أن يقود الشباب المرحلة القادمة،وهم يعملون للعودة من جديد إلى مجلس الإدارة،وهذا سوف يقود في النهاية إلى ضياع الجمعيّة..وهذا برأيي لن ينجح، لأنّ المرحلة القادمة للعمل في فعاليات المجتمع الأهلي،سوف تكون من فئة الشباب،لأنّ الشباب هم ربيع العمر،وهم ذروة في العطاء.يقول الشاعر الدمشقي(ابراهيم الأكرمي) في الشباب:

انظر إلى فصل الربي == ع كأنَّه فصل الشَّباب

والزَّهر مثل خلائق ال == أصحاب من زهر الصِّحاب

ثالثاً: صنع السّيالات في مسير اليوم:

*************************

ولدى وصولنا إلى مزرعة صديقنا في الصيادة،باشر صديقنا (أدهم) مشكورا بإشعال نار من الحطب،بينما أخذ البعض يسخن الماء من أجل احتساء كؤوس المتة الصباحية، التي باشرنا بتناولها وسط جوّ جميل،وشمس ساطعة،ومناظر خلابة على مدى الأفق الغربي البعيد الممتد نحو سلسلة تلال العلاة،في هذه الأثناء أخذ ديقنا أبو راتب(مشكورا) يعدّ الصاج من أجل سكب عجينة السّيالة عليه، والتي كان قد أعدّها مسبقاً في منزله،وما أن تأججت النار وارتفع لهيبها حتى باشر الصديق أبو راتب بسكب العجينة فوق الصاج...

*****************************************************

تحلّق الأصدقاء حول النار المشتعلة،بينما أخذ صديقنا أبو راتب يرقب رغيف السيّالة، ويقلّبه،وهو ينضج على نار هادئة،بعد أن سكب عجينته المعدّة مسبقاًعلى صاج خاص..لمثل هذه المناسبة.

***************************************************

وسرعان ماتحولت تلك العجينة اللزجة،إلى أرغفة مستديرة مقمرة وكأنّها وجه حسناء في ريعان شبابها..

***************************************************

رغيف السّيالة،وقد شارف على النّضج،لتبدأ بعده عملية طليه بالسمن والسكر..حتّى يتمّ إعداد وجبة من السّيالة السلمونية الشهية..!!

***************************************************

وحتى يزيد في بهاء ذلك الوجه أخذ الصديق (فادي) يزين ويطلي ذلك الوجه بمكياج من نوع خاص،عندما أخذ يمسح سطح الأرغفة بالسمن،ثم ينثر السكر عليه ،ليعطي لوجه الأرغفة طلاوة وحلاوة مابعدها طلاوة وحلاوة..!!

****************************************************
من وحي المسير الرياضي إلى الصيّادة...!! Z3g05893

الصديق.. فادي يتابع عملية الصنع بدهن أرغفة السّيالة بالسّمن والسّكر..لتصبح وجبة شهيّة..!!

*****************************************************ولما انتهى صديقنا من عمله وسكب كلّ مالديه من عجينة،تحوّلت تلك الأرغفة المطلاة بالسمن والسكر،تحولّت إلى (سيّالة) شهية لذّ وطاب طعمها،تناولناها، ونحن نشتهي أن يكون كلّ الأصدقاء قد شاركونا هذه المناسبة السعيدة،وقاسمونا هذه الوجبة اللذيذة،وبعد أن انتهينا من أطيب الطعام،وسعدنا بقول أحلى الكلام، أنشدنا مع الشاعر(ابراهيم الطبري) بما عبّر عن سعادتنا وسرورنا في ماتركته ذكريات مسير اليوم في أنفسنا، عندما قال:

كيفَ السلو وما زالت محاسنَهم == في مقلَتي وإن شطّ النوى مثَلا

ما لَذَّ لي مطعمٌ بعدَ الحبيبِ ولا == عذبُ المشاربِ بعد الظاعنينَ حَلا

أستودِعُ اللَه مَن كانت لطلعتَها == السعادَةُ والإقبالُ متَصِلا

وأعتقد أنّ السعادة هنا،هي في إطلالتكم على صفحات هذا المنتدى،والتمتّع معنا بأحداث مسير اليوم.

أستودعكم الله..وإلى مسير قادم بعون الله.

ونلقاكم دوما بالصحة والسعادة.

الصديق:حيدر حيدر

الجمعة في /13/1/2012

من لم يتمكن من المشاركة بالمسير لسبب ما، يمكنه بكل بساطة أن يعيش جوه وحالته من خلال ما يخطّه قلم الأستاذ حيدر.

دمت بمحبة أستاذنا