أضواء على عمل جمعية أصدقاء سلمية - الابتعاد عن الاستعراض الثقافي

أن تكتب عن سلمية يعني أن تعرف مسبقاً أن آلافاً من عشاق الكتابة والفكر سيناقشونك بما تكتب، وأن تحب سلمية (يعني أن تبذل كل مافي وسعك كي تحافظ على مواطن الجمال فيها، والجمال في سلمية أزلي يعسكر في الدروب والروابي..) ويعكسر في النفوس أيضاً.

مساء الأول من الشهر الجاري كنت على موعد مسبق، مع المترجم الدكتور محمد الدبيات للتحدث عن الواقع الثقافي لجمعية أصدقاء سلمية وهو من الأسماء الثقافية الهامة ويشتغل في المعهد الفرنسي في دمشق، وفي رصيده عدد من الترجمات الهامة، ويترأس الجمعية، ولأنه مؤمن بالعمل الجماعي فقد أصر على أن يكون الحوار عبارة عن حوار مشترك مع عدد من المشتغلين في اللجنة الثقافية بالجمعية، وفعلاً شارك في هذه الجلسة: الشاعر ميرزا ميرزا، والذي يشتغل في الصيدلة أيضاً، ومحمد الخطيب، والسينمائي محمد القصير، ومنسقة النادي السينمائي هيلين أبو اسماعيل..
بدأ الحديث د . محمد الدبيات فرأى أننا: (جئنا إلى جمعية أصدقاء سلمية بعد أن أسسنا جمعية العاديات التي تشتغل في نشر الثقافة أيضاً، لذلك كان شعورنا بالمسؤولية الثقافية مضاعفاً، لاسيما أن السمعة الثقافية لمدينة سلمية كبير، أول لجنة ثقافية بالجمعية ترأسها الأديب محمد عزوز، أما اللجنة الثقافية الحالية فيترأسها الأستاذ محمد الخطيب، ومنذ البداية اشتغلنا على ميادين أساسية منها ما هو أدبي وفكري، وحدث بعضها في صالة مزيج والتي فضلت لنشاطاتها اسم (الموقد) وقد أدارها الشاعر بشار عيسي. وأقمنا أمسيات شعرية، وأسسنا مهرجان سلمية الثقافي الأول وذلك في عام 2008 وذلك بالتعاون مع مجلس مدينة سلمية عندما كان المهندس أيمن سيفو رئيسا لمجلس المدينة، وأقيم بمناسبة إعادة بناء سلمية الأخير وكان في آب 1849 وأقمنا المهرجان الأول، وبعد ذلك توقف لأسباب مالية، وضمن شغلنا الثقافي «يوم الأحد الثقافي»، واستضفنا فيه أسماء ثقافية هامة من ضمنها الفنان فايز قزق والمخرج فيصل الراشد والصحفي حسن م يوسف، وأيضاً استضفنا مستشرقين وباحثين أوروبيين، وخطر على بالنا أن نشتغل على مهرجان خاص في سلمية فرأينا أن نقيم مهرجاناً موسيقياً وأطلقنا هذه المبادرة عام 2009 وأقمنا الأيام الموسيقية في صالة المركز الثقافي وشاركت فيها الفنانة مي نصر، حيث أحيت حفلة فنية، ومنذ البداية اشتغلنا على (الكتاب الثقافي)، وعملنا على تشجيع المواهب الشابة، ودعمنا مشاريع الكتب فطبعنا كتاب الأديب محمد عزوز (شعراء سلمية)، وأسسنا نشاط (توقيع الكتاب) حيث كان اللقاء الأول مع د- أجفان الصغير وكتابه (الإدارة عند الفاطميين) وبعد ذلك استضفنا الروائية لينا هويان الحسن حيث وقعت كتابها (سلطانات الرمل) وكان هذان النشاطان في صالة مزيج، وعلى الصعيد السينمائي، أسسنا النادي السينمائي وكان آخر نشاط له هو أيام سينمائية سورية وذلك بالتعاون مع المؤسسة العامة للسينما عام 2011، الذي أقيم منه نشاطان وتوقف بسبب الأحداث السياسية، ومن النشاطات الهامة التي يمكن عدها ثقافية هو مشروع الشيخ هلال، حيث اشتغلنا على السياحة الثقافية، إذ يأتي السياح ليزوروا الإنسان السوري إضافة لزيارة ما هو أثري، في قرية الشيخ هلال هناك موقع سياحي جذاب، حيث إقامة السياح في القبب الطينية التقليدية، ويكون العيش مع السكان المحليين. كما عملنا على تأسيس نشرة ثقافية مطبوعة والكترونية، وقد أنجزنا العدد الأول.
بدوره الشاعر ميرزا ميرزا قال: (منذ البداية رأينا أن الهدف من الثقافة بناء الإنسان، وكان السؤال ماذا يمكن أن نقدم لهذا الإنسان، وقد آثرنا الابتعاد عن العمل الاستعراضي، نحو ثقافة بناء الإنسان، ففي الندوات الثقافة ركزنا على محور (مابين اللغة الفصحى والعامية)، واخترنا عناوين هامة وأسماء هامة أيضاً.. ومنذ البداية ضمت الجمعية مثقفين أمثال د. اسماعيل سفر، حسين هاشم، توفيق عادلة.
وعملنا على التواصل مع الأدباء المغمورين إعلامياً ومنهم الأديب اسماعيل المير، وهناك أسماء كانت مغبونة إعلامياً استضفناها مثل الباحث الكبير (عبد العزيز علون)، كما شجعنا المبدعين الشباب، ويسجل لنا أننا أول وآخر من كرم الشاعر علي الجندي، وحرصنا على التعامل مع الإعلام والإعلاميين بشكل جديد وكانت الاستجابة متفاوتة وكانت تشرين من الصحف الأولى التي اهتمت ونشرت وآزرتنا، إضافة لما سبق، لدينا فنانون تشكيليون لهم دور أساسي في الإعلام والتصميم منهم (قصي عيزوقي، غسان جعفر، شعيب الحرك، فادي نظامي).
كما أننا نعمل على تطوير قدرات أعضاء الجمعية الثقافية، والعمل على تطوير مفهوم الثقافة.
من جهته محمد الخطيب رئيس اللجنة الثقافية يذكر (نحن منذ البداية عملنا على نشر ثقافة جديدة غير الثقافة الرسمية التي ابتعد عنها الجمهور، وكرسنا العمل الثقافي الجماعي، فكرمنا عدداً من المبدعين وهذا الأمر لاقى استحساناً لدى الكثير من المتابعين للشأن الثقافي، ومنذ البداية احتضنت اللجنة الشباب وإبداعاتهم في مختلف المجالات (قصة، شعر، مسرح)، واشتغلنا على التفرد بالشأن الموسيقي، فجمعنا الموسيقيين في فرقة واحدة، وعملنا على مشروع موسيقي يضم التراث والموسيقا العصرية، واشتغلنا ثلاثة أشهر تحضيراً، حيث كان الفنان أمين الصغير يقود الفرقة الفنية وضمن هذا النشاط أنشأنا جلسات استماع موسيقي، شارك فيها الكثير من الشباب المتخرجين حديثاً من المعاهد وتضم هذه الجلسات استماعا إلى سيمفونيات عالمية وذلك بهدف تطوير الذائقة الموسيقية، وقد تعاونت الجمعية مع جميع اللجان الثقافية المحلية الموجودة، وضمن الأيام الموسيقية استضفنا فرقة البند الخامس، وفرقة الوتر السابع، وفرقة آفاق، كما استضفنا عازف العود ماهر محمود في نشاط لاقى تجاوباً كبيراً.
في النادي السينمائي الذي تشكّل كأحد أعمدة الثقافة في جمعية الأصدقاء انطلقنا من مقولة: (رؤى مبدع وإحساس مشاهد)، هكذا بدأ كلامه السينمائي محمد القصير الذي رأى أن (النادي عمل على نشر ثقافة سينمائية مختلفة عن ما هو سائد، وذلك من خلال عرض أفلام طاجيكية وإيرانية وأوروبية، وقد عملنا على تطوير صالة العرض، واستجابت إدارة الجمعية، والمهم أننا خلقنا حالة حوار من خلال الأفلام السينمائية، إذ نفتتح حواراً بعد عرض الفيلم، بدأت هذه الحالة الحوارية مع فيلم (عصفور من حجر) للفنان حازم الحموي، وكانت الغاية تكريس حالة الحوار، كما عملنا على خلق بطاقة انتساب للنادي السينمائي، واشتغلنا على إنشاء فيلم (اصنع فيلمك بنفسك)، لكننا لاقينا صعوبات فتوقفنا، بعد ذلك ذهبت إلى دمشق برفقة سمير جمول وأبدت إدارة معهد غوتة استعدادها لإقامة أيام سينمائية ألمانية وكذلك الأمر مع المعهد الفرنسي، وتعاونت معنا المستشارية الإيرانية، وقمنا بترجمة فيلم (أغنية العصفور الدوري ) وبالتعاون مع المؤسسة العامة للسينما عملنا على إقامة أيام سينمائية سورية، لكننا وبعد عرض الفيلمين الأولين توقفنا بسبب الأحداث السياسية، حيث عرضنا الفيلم الأول (روضاج ) بحضور المخرج نضال الدبس، وعرضنا فيلم (تراب الغرباء ) بحضور المخرج سمير ذكرى، وكنا ننوي عرض فيلم (غيلان الدمشقي) لهيثم حقي، و(صندوق الدنيا) لأسامة محمد، و(اليازرلي)، لقيس الزبيدي، واشتغلنا على إنجاز دورة سيناريو، حيث أشرفت عليها وكانت بالتعاون مع الفنان محمد خير حسون، وكان الهدف منها محو الأمية في كتابة السيناريو، وضمن طموحنا عنوان اقترحه المخرج علي سفر: (كيف تصنع الفيلم الوثائقي). وطبعاً منذ البداية كان هدفنا استعادة طقس السينما في مدينة وجدت فيها صالة سينما قبل الكثير من العواصم العربية.
منسقة النادي السينمائي هيلين أبو اسماعيل ذكرت: (أن النادي السينمائي في جمعية الأصدقاء كان تعويضاً لنا عن سينما افتقدناها منذ زمن طويل، حيث تعرفنا من خلاله على سينما جديدة، منها السينما الإيرانية والأوروبية، فخلال دراستي الجامعية عايشت مهرجاناً واحداً للسينما، وطبعاً أنا من جيل لم يعاصر سينما سلمية،
فكرة النادي السينمائي ممتازة، وقد جذبنا شريحة كبيرة، من الشباب الذين تابعوا الأفلام وناقشوا في الحوارات التي أعقبت العروض، حتى عندما عرضنا بعض أفلام الأكشن لاحظنا عدم إعجابهم بهذه الأفلام.

مصطفى علوش

نتوجه بالشكر الجزيل للصحفي الصديق مصطفى علوش لهذه المقالة الحوارية التي عرضت لأنشطة الجمعية.. والشكر لك أيضاً فادي