لجنة الإعلام Admin
عدد الرسائل : 2412 العمر : 47 تاريخ التسجيل : 22/05/2007
| موضوع: اغتراب على حفافي الذكريات 30/7/2013, 11:18 am | |
|
الدور والشوارع والدروب, مثل السنين , وا أسفاه ! تمعن في الهروب , تبدل ملابسها كالأفاعي , وتتنكر لأصدقائها القدامى , لا صديق لمن يغير شكله , تبعاً لهواه . عبثاً نعود إلى الأماكن التي راودتنا عن نفسها في لحظة هوى عابرة , فلن نبصرها عن بعد لأنها بنت الزمان , وطارئة على التماكن , والزمان قلّب دائم الجريان وإلى أمام أبداً . هذا الرجل الذي يعود إليها ليس الطفل ولا اليافع الذي أضفى عليها زينة وبهاء من حميته , مع أن أنواتنا القديمة لا تضيع بكليتها , تحيا في أحلامنا ونحسبها , واهمين ,أنها قد تعيش الواقع من جديد . أعطش الليل فارتعي يا ضواري واستجاب الرعاة في عطش الليل للدّفء مثل الجواري , والصقيع اللئيم يجتاح جوف القطيع جوعاً ورعباً , لا نباح الكلاب يسمع في هدأة الليل ولا نداء المراعي . كان الضباب كثيفاً هذه الفجرية وعلى ذات الطريق التي مشيناها معاً عصر يوم من أيام ربيع مضى , رحت أتلمس وحيداً المعالم التي انتهت إليها رؤانا المشتركة , أنكرتها ,غيبها الضباب الكثيف ورحت أترقب مصدر النور , سينقشع الضباب وينتشر ضوء الشمس وتعود الألفة إلى ما كان من الأماكن الصديقة . وا أسفاه !ما كان لم يكن لي وحدي ولست من أنكرها بل هي التي أنكرتني, الأشجار , والتربة والأشجار والأحجار والمباني التي اكتملت في غيابنا , أنكرتني جميعها حتى الكلاب أنكرت وحدتي ولم تعقل أنني ذاك الرفيق وتلك الصبية وذاك الحنين أين توارى وكيف تلاشى ؟بعيدا عن الرجوم ومجرى السيل وتلك الزروع التي عبرناها معاً باتجاه القمة وقفت أقدم جواز العبور وأعرض وثائقي الزائفة هكذا صنفتها حتى الأفاعي لم تقبل حجاجي, كادت أن تخرج من جحورها ولما يحن بعد موسم السعاية وبرد الصبح يلجمها , ويلجلج أطرافي حتى لتكاد تشي بي وتفضح خوفي وارتيابي . وحيداً رجعت على نفس الطريق وقد تقشع الضباب ولم يتقشع غبار الزمان وبقيت الأماكن غير الأماكن والمعالم غير المعالم وكذلك السنون والحنين والمواجع , وأنا أتشحط على طريق العودة وقد أودعت الزمان والغربة , تلك الثمالة من شباب آفل وألفة بائدة وحزن مقيم .
سلمية في 30 \7 \2013 محمد الجندي | |
|